ويلاحظ أنه قال سابقا بعد ذكر نعم الدنيا:{وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ} للإشارة إلى فناء كل شيء من الممكنات، وقال بعد ذكر نعم الآخرة:{تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} للإشارة إلى بقاء أهل الجنة ذاكرين اسم الله متلذذين به.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
١ - هناك أربع جنان ذات منازل مختلفة لمن خاف مقام ربّه، فجنتان للمقربين، ودونهما في المكان والفضل جنتان لأصحاب اليمين، كما قال ابن زيد، وقال ابن جريج: هي أربع: جنتان منها للسابقين المقرّبين: {فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ} و {عَيْنانِ تَجْرِيانِ} وجنتان لأصحاب اليمين {فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمّانٌ} و {فِيهِما عَيْنانِ نَضّاخَتانِ}. و
قد ذكرت ما رواه أبو موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم:«جنتان من فضة، أبنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب، أبنيتهما وما فيهما».
٢ - لما وصف الله الجنتين لكل فريق أشار إلى الفرق بينهما:
أولا-فقال في الأوليين:{ذَواتا أَفْنانٍ} أي ذواتا ألوان من الفاكهة، وقال في الأخريين:{مُدْهامَّتانِ} مخضرتان في غاية الخضرة من الري.
ثانيا-وقال في الأوليين:{فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ} وفي الأخريين:
{فِيهِما عَيْنانِ نَضّاخَتانِ} أي فوّارتان ولكنهما ليستا كالجاريتين، لأن النضخ دون الجري.
ثالثا-وقال في الأوليين:{فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ} فعمّ ولم يخص، وفي الأخريين:{فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمّانٌ} ولم يقل: من كل فاكهة.
قال بعض العلماء: ليس الرمان والنخل من الفاكهة، لأن الشيء لا يعطف