{مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً} أي صفة المشركين في اتخاذهم الأصنام آلهة من دون الله، طمعا في نصرهم ورزقهم ونفعهم، والتمسك بهم في الشدائد، كصفة العنكبوت في ضعفها اتخذت لنفسها بيتا يقيها الأذى والحر والبرد، فلم يفدها شيئا، وإذا هبت ريح يصير هباء منثورا.
فكذلك هؤلاء المشركون لا تفيدهم أصنامهم، ولا تدفع عنهم سوءا، ولا تجديهم شيئا، وتصبح أعمالهم للأوثان مبددة ذاهبة الأثر، كما قال تعالى:
{وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ، لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ} أي وإن أضعف البيوت بيت العنكبوت؛ لأنه يخرب بأدنى شيء، ولا يبقى منه أثر، فكذلك عملهم لا أثر له، فلو كانوا يعلمون علما صحيحا أن أصنامهم وعبادتهم لها لا تنفعهم شيئا، ما فعلوا ذلك، إلا أنهم في الواقع في غاية الجهل، لا يعلمون شيئا من عواقب الأمور، فتراهم يظنون بذلك النفع.
ثم أكد الله تعالى كون تلك المعبودات ليست بشيء، فقال متوعدا عابديها:
{إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} أي إن الله يعلم أن الذي يعبدونه من غيره من الأصنام والجن والإنس ليس بشيء، وهو القوي الغالب القادر على الانتقام ممن كفر به، وأشرك في عبادته معه غيره، الحكيم في صنعه وتدبيره خلقه، يعلم ما هم عليه من الأعمال، ويعلم ما يشركون به من الأنداد، وسيجزيهم وصفهم، إنه حكيم عليم.