{وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ، وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ}: استعارة تمثيلية، مثّل للبخيل الذي حبس يده عن العطاء بمن شدّت يده إلى عنقه، بحيث لا يستطيع مدّها، وشبّه السرف ببسط الكف، حيث لا تمسك شيئا.
{فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً} لف ونشر مرتب، أعاد لفظ {مَلُوماً} إلى البخيل، ولفظ {مَحْسُوراً} إلى الإسراف.
{يَبْسُطُ} {وَيَقْدِرُ} بينهما طباق.
المفردات اللغوية:
{لا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ} الخطاب للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم والمراد به أمته، أو الخطاب لكل أحد.
{فَتَقْعُدَ} إما بمعناها الأصلي، أي فتعجز عن تحصيل الخيرات، أو بمعنى: تصير، مأخوذ من قولهم: شحذ الشفرة حتى قعدت كأنها حربة، أي صارت مثل الحربة. {مَذْمُوماً} يذمك الملائكة والمؤمنون. {مَخْذُولاً} يخذلك الله تعالى، وتصير: لا ناصر لك؛ لأنك أشركت معه إلها آخر.
وهذا بناء على المفهوم يدل على أن الموحد يكون ممدوحا منصورا.
{وَقَضى رَبُّكَ} حكم وأمر أمرا مقطوعا به. {أَلاّ تَعْبُدُوا} بألا تعبدوا. {إِلاّ إِيّاهُ} حصر العبادة بنفسه تعالى؛ لأن غاية التعظيم لا يستحقها إلا لمن له غاية العظمة وغاية الإنعام {وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً} أي وبأن تحسنوا لهما إحسانا، بأن تبروهما، أو وأحسنوا بالوالدين إحسانا؛ لأنهما السبب الظاهر للوجود والمعيشة. ولا يجوز أن تتعلق الباء بالإحسان؛ لأنه صلته وهي لا تتقدم عليه. {أُفٍّ} اسم صوت يدل على التضجر والاستثقال، أي تبا وقبحا. {وَلا تَنْهَرْهُما} تزجرهما، والنهر: الزجر بغلظة. {قَوْلاً كَرِيماً} جميلا لينا.
{جَناحَ الذُّلِّ} ألن لهما جانبك الذليل، والمراد به التواضع والتذلل، أو حسن الرعاية والعناية. {مِنَ الرَّحْمَةِ} أي لرقتك عليهما وفرط رحمتك بهما. {اِرْحَمْهُما كَما} رحماني حين.
{رَبَّيانِي صَغِيراً} أو رحمة مثل رحمتهما علي. {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ} من إضمار البر والعقوق.
{إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ} طائعين لله، قاصدين للصلاح. {لِلْأَوّابِينَ} للتوابين أو الرجاعين إلى طاعته. {غَفُوراً} لما صدر منهم في حق الوالدين من بادرة، وهم لا يضمرون عقوقا.
{وَآتِ} أعط. {ذَا الْقُرْبى} القرابة. {حَقَّهُ} من البر والصلة {وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً} التبذير: إنفاق المال في غير موضعه الموافق للشرع والحكمة. {إِخْوانَ الشَّياطِينِ} أي قرناءهم وعلى طريقتهم {كَفُوراً} شديد الكفر لنعمه. فكذلك قرينه المبذر. {وَإِمّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ} أي وإن أعرضت عن المذكورين من ذي القربى والمسكين وابن السبيل، حياء من الرد، فلم تعطهم.