للخلق المستقل وللدلالة على أنه معتنى بخلقه، فهذا تشريف لآدم، فإن كل مخلوق تولى الله خلقه.
{أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ؟} أي تكبرت الآن عن السجود من غير استحقاق، أم كنت من المتكبرين المتفوقين المستحقين للترفع عن طاعة الله، فتكبرت عن السجود، لكونك منهم، وهو استفهام توبيخ.
{قالَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} إبداء للمانع. {فَاخْرُجْ مِنْها} من الجنة أو من السموات.
{رَجِيمٌ} مرجوم مطرود من الرحمة. {لَعْنَتِي} طردي. {فَأَنْظِرْنِي} فأمهلني. {إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} يبعث الناس. {إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ} وقت النفخة الأولى. {فَبِعِزَّتِكَ} بسلطانك وقهرك. {لَأُغْوِيَنَّهُمْ} لأضلنهم. {الْمُخْلَصِينَ} المؤمنين الذين أخلصتهم للعبادة وعصمتهم من الضلالة.
{فَالْحَقُّ} المراد بالحق: إما اسمه عز وجل أو الحق الذي هو نقيض الباطل، عظمه الله باقسامه به، أي فالحق مني أو فالحق قسمي، وجواب القسم:{لَأَمْلَأَنَّ}. {وَالْحَقَّ أَقُولُ} أحق الحق وأقوله. {مِنْكَ} أي من ذريتك وجنسك. {وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} أي من ذرية آدم.
المناسبة:
هذه هي القصة الأخيرة في هذه السورة، وقد ذكرت في سور: البقرة، والأعراف، والحجر، والإسراء، والكهف. والمقصود منها منع الحسد والكبر، لأن امتناع إبليس عن السجود كان بسبب الحسد والكبر، والكفار إنما نازعوا محمدا ص بسبب الحسد والكبر، وذكرت هنا لتكون زاجرا للكفار عن هاتين الخصلتين المذمومتين.
التفسير والبيان:
{إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ: إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ} أي اذكر يا محمد قصة خلق آدم أبي البشر، حين قال الله للملائكة: إني سأخلق بشرا هم آدم وذريته، {مِنْ طِينٍ} تراب مخلوط بالماء، كما في آية أخرى:{مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}[الحجر ٢٦/ ١٥].