للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتضمن تكرار إنكاره للحشر؛ لأن جزاء التكليف قد لا يكون إلا في الآخرة، وهذا دليل على إثبات البعث؛ لأنه لا بد من الجزاء على الأعمال، حتى لا يتساوى الطائع مع العاصي.

{نُطْفَةً} ماء قليلا، وتجمع على نطف ونطاف. {يُمْنى} يصب في الرحم، وقرئ:

«تمنى». {ثُمَّ كانَ} المني. {عَلَقَةً} قطعة دم جامد. {فَخَلَقَ} أي أوجد الله تعالى منه بشرا مركبا من أشياء مختلفة. {فَسَوّى} أي فسوّاه شخصا مستقلا، بأن قدّره وعدّله وعدل أعضاءه.

{فَجَعَلَ مِنْهُ} من المني الذي صار علقة (قطعة دم) ثم مضغة (قطعة لحم). {الزَّوْجَيْنِ} الصنفين أو النوعين من البشر. {الذَّكَرَ وَالْأُنْثى} بأن يرزق النوعان تارة، أو ينفرد أحدهما عن الآخر تارة، وهو استدلال آخر بالإبداء على الإعادة والبعث. {أَلَيْسَ ذلِكَ} الفعال لهذه الأشياء. {بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى} قال صلّى الله عليه وسلّم: بلى.

سبب النزول:

نزول الآية (٣٥، ٣٤):

{أَوْلى لَكَ فَأَوْلى.}.: أخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال: لما نزلت: {عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ} [المدثر ٣٠/ ٧٤] قال أبو جهل لقريش:

ثكلتكم أمهاتكم، يخبركم ابن أبي كبشة أن خزنة جهنم تسعة عشر، وأنتم الدّهم (العدد) والشجعان، أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل من خزنة جهنم، فأوحى الله تعالى إلى رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يأتي أبا جهل، فيقول له: {أَوْلى لَكَ فَأَوْلى، ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى}.

وأخرج النسائي عن سعيد بن جبير أنه سأل ابن عباس عن قوله: {أَوْلى لَكَ فَأَوْلى} أشيء قاله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من قبل نفسه، أم أمره الله به؟ قال:

بل قاله من قبل نفسه، ثم أنزله الله.

المناسبة:

بعد أن بيّن الله تعالى تعظيم أحوال الآخرة وهي القيامة العظمى، ووصف ما فيها من أهوال، وما عليه حال السعداء وحال الأشقياء، بيّن أن الدنيا لا بد

<<  <  ج: ص:  >  >>