للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا كنائسهم، ولا يتعرض إلى ما يؤدي إلى ذلك؛ لأنه فعل بمنزلة التحريض على المعصية.

وهذا نوع من الموادعة، ودليل على وجوب الحكم بسدّ الذرائع، وفي الآية دليل أيضا على أن المحقّ قد يكف عن حق له إذا أدّى إلى ضرر يكون في الدّين.

ومن هذا المعنى ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: لا تبتوا الحكم بين ذوي القرابات مخافة القطيعة. قال ابن العربي: إن كان الحق واجبا فيأخذه بكل حال، وإن كان جائزا ففيه يكون هذا القول (١).

ويؤكد مدلول الآية:

قول النّبي صلّى الله عليه وسلّم فيما أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود عن عبد الله بن عمرو: «لعن الله الرجل يسبّ أبويه، قيل: يا رسول الله؛ وكيف يسبّ أبويه؟ قال: يسبّ أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه» قال ابن العربي: فمنع الله تعالى في كتابه أحدا أن يفعل فعلا جائزا يؤدي إلى محظور. وبهذا تمسك المالكية في سد الذرائع: وهو كل عقد جائز في الظاهر يؤول أو يمكن أن يتوصّل به إلى محظور.

وأما المعاندون مشركون أو غيرهم فلن يؤمنوا مهما جاءتهم الآيات، وقد طلب مشركو قريش من الرسول معجزات مادية، وحلفوا أنها لو ظهرت لآمنوا، فبيّن الله تعالى أنهم وإن حلفوا على ذلك، فالله تعالى عالم بأنها لو ظهرت لم يؤمنوا.


(١) أحكام القرآن: ٧٣٥/ ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>