{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ} أي أصحابها وهم الكفار، فهو مجاز مرسل بإطلاق الجزء وهو الوجوه وإرادة الكل وهي الذوات.
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ، عامِلَةٌ ناصِبَةٌ} و {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ، لِسَعْيِها راضِيَةٌ} فيهما مقابلة بين وجوه الأبرار ووجوه الفجار.
المفردات اللغوية:
{الْغاشِيَةِ} يوم القيامة، وهي الداهية التي تغشى الناس بشدائدها وأهوالها. {خاشِعَةٌ} ذليلة. {عامِلَةٌ ناصِبَةٌ} تعمل عملا في الدنيا، تتعب فيه وهو لا ينفعها يومئذ، أو تتعب في النار بجر السلاسل والأغلال وخوضها، فقوله:{ناصِبَةٌ} تعبة من (نصب فلان): تعب، والنصّب:
التعب، ومنه قوله تعالى:{فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ}[الانشراح ٧/ ٩٤] أي إذا فرغت من الصلاة، فاتعب في الدعاء. {تَصْلى ناراً} تدخلها، يقال: صلي النار: قاسى حرها، وقرئ تصلى: بضم التاء. {حامِيَةً} متناهية في الحر. {مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ} العين: ينبوع الماء، والآنية: الشديدة الحرارة. {ضَرِيعٍ} نوع من الشوك لا ترعاه دابة لخبثه وضره وشدة مرارته، أما الرطب منه وهو الشّبرق فترعاه الإبل ما دام رطبا، والمراد: طعامهم مما يتحاماه الإبل ويتعافاه. {لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ} لا يتحقق به أحد هذين الأمرين المقصودين من الطعام.
التفسير والبيان:
{هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ؟} أي هل بلغك يا محمد حديث القيامة وعلمت خبره، وسميت غاشية: لأنها تغشى الخلائق بأهوالها وأفزاعها، والمراد: لم يأتك سابقا حديث هذه الداهية، وقد أتاك الآن فاستمع، فلا يراد من التعبير حقيقة الاستفهام، وإنما يراد منه تشويق السامع إلى استماعه، وتعجيبه مما سيذكر بعده. والمعنى: قد جاءك يا محمد حديث الغاشية.
ثم ذكر أحوال الناس فيه وانقسامهم إلى فريقين: أشقياء وسعداء، وبدأ بوصف الأشقياء؛ لأن مبني السورة على التخويف، كما ينبئ عنه لفظ الغاشية، فقال:
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ، عامِلَةٌ ناصِبَةٌ} أي أصحاب وجوه، والمراد