أهلكناهم جميعا بعذاب الاستئصال، أو استأصلناهم. فمعنى قطع دابر القوم: استئصالهم وتدميرهم عن آخرهم.
المناسبة وتاريخ القصة:
قبيلة عاد قوم هود من أقدم الأمم وجودا وآثارا في الأرض، وهم على ما يظهر أقدم من إبراهيم، لذا ناسب ذكرها بعد قصة نوح مع قومه، بدليل قوله تعالى:{وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ} فأصبح الناس على علم بواقعة قوم نوح العظيمة وهي الطوفان العظيم، لذا كان قول هود لقومه عاد:
{أَفَلا تَتَّقُونَ} إشارة إلى التخويف بتلك الواقعة المتقدمة المشهورة في الدنيا.
أخرج ابن إسحاق عن الكلبي قال: إن عادا كانوا أصحاب أوثان يعبدونها، اتخذوها على مثال ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر، فاتخذوا صنما يقال له «صمود» وآخر يقال له: «الهتار»، فبعث الله إليهم هودا وكان من قبيلة يقال لها «الخلود»، وكان من أوسطهم نسبا وأصبحهم وجها، فدعاهم إلى عبادة الله وأمرهم أن يوحّدوه، وأن يكفوا عن ظلم الناس، فأبوا ذلك وكذبوه وقالوا:
{مَنْ أَشَدُّ مِنّا قُوَّةً}[فصلت ١٥/ ٤١]؟ كما جاء في تفسير المنار.
وكانت منازلهم أي مساكنهم باليمن بالأحقاف: وهي جبال الرمل، فيما بين عمان إلى حضرموت باليمن، وكانوا مع ذلك قد أفسدوا في الأرض كلها، وقهروا أهلها، بفضل قوتهم التي آتاهم الله تعالى.
فعاد: قبيلة عربية، كانت باليمين بالأحقاف شمال حضرموت، وكانوا قد تبسطوا في الدنيا ما بين عمان إلى حضرموت، وكانت لهم أصنام يعبدونها: صداء وصمود والهتار. وهم عاد الأولى، وأما عاد الثانية فهم سكان اليمن من قحطان وسبأ. ولم تذكر عاد فيما سوى القرآن الكريم من الكتب المقدسة.
فبعث الله إليهم هودا نبيا، وهو هود بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن