للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا طهور، مكان الختان، فإذا فعلوا ذلك، صار نصرانيا حقا، فأنزل الله هذه الآية (١).

التفسير والبيان:

علّم الله المؤمنين وأمرهم في الآية السّابقة (١٣٦) أن يقولوا: آمنّا بالله وكتبه ورسله، لا نفرّق بين أحد من رسله وكتبه، وأمرهم أيضا في هذه الآية أن يقولوا: صبغنا الله وفطرنا على الاستعداد للحقّ والإيمان بما جاء به الأنبياء، وهل هناك صبغة أحسن من صبغة الله الحكيم الخبير؟! ومن صبغة الإسلام، فالله هو الذي يصبغ عباده بالإيمان، ويطهرهم به من أدران الشرك، فلا نتبع صبغة أحد من الزعماء والأحبار، فهي صبغة بشرية مزيفة تفرق الدين الواحد، وتمزق الأمة أحزابا متنافرة.

ونحن لله الذي أنعم علينا بالنعم الجليلة التي منها نعمة الإسلام والهداية عابدون لا نعبد سواه، ومخلصون وقانتون، فلا نتخذ الأحبار والرهبان أربابا يزيدون في الدين وينقصون، ويحللون ويحرّمون، ويمسحون من النّفوس صبغة التوحيد، ويضعون فيها صبغة الشرك بالله.

ثم أمر الله نبيّه بأن يقول لأهل الكتاب: أتجادلوننا في دين الله، وتدّعون أن الدين الحقّ هو اليهودية والنصرانية، وتتأملون بهما دخول الجنة، وتقولون أحيانا: {لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاّ مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى} [البقرة ١١١/ ٢]، وأحيانا تقولون: {كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا} [البقرة ١٣٥/ ٢].

ومن أين لكم هذه الدّعاوى وادّعاء الهداية والقرب من الله دوننا، والله ربّنا


(١) تفسير الكشاف للزمخشري: ٢٤١/ ١، أسباب النزول للواحدي: ص ٢٢، تفسير القرطبي: ١٤٤/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>