أخرج البخاري كما تقدم وأحمد وغيرهما عن زيد بن أرقم قال: سمعت عبد الله بن أبي يقول لأصحابه: {لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتّى يَنْفَضُّوا} فلئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فذكرت ذلك لعمّي، فذكر ذلك عمي للنبي صلى الله عليه وسلم، فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثته، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن أبي وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، فكذّبني، وصدّقه، فأصابني شيء لم يصبني مثله، فجلست في البيت، فقال عمي: ما أردت إلى أن كذبك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومقتك، فأنزل الله:{إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ} فبعث إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأها، ثم قال:«إن الله قد صدّقك»(١).
وروى الترمذي أيضا عن زيد بن أرقم: أن أعرابيا نازع أنصاريا في بعض الغزوات على ماء، فضرب الأعرابي رأسه بخشبة فشجّه، فشكا إلى ابن أبيّ، فقال: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا، وإذا رجعنا إلى المدينة، فليخرج الأعز الأذل. عنى بالأعز نفسه، وبالأذل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المناسبة:
بعد بيان قبائح خصال المنافقين وهي الكذب والأيمان الكاذبة، والصد عن سبيل الله، والجبن، وجمال الأجسام وضعف العقول، وعداوة الله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم، ذكر تعالى أدلة تثبت كذبهم ونفاقهم من الواقع المشاهد، كإعراضهم عن الاعتذار، وتصميمهم بعد وقعة بني المصطلق (قبيلة يهود) على طرد المؤمنين من المدينة.