فإنهم يبغون ويقدمون على المعاصي. ولو احتاجوا أمدهم بالرزق، لأنه المتولي أمورهم بإحسانه، المستحق الحمد على نعمه.
ثم أقام الله تعالى الأدلة على ألوهيته بخلق السموات والأرض وما فيهما، ثم جمعهم للحساب في الآخرة. ثم أوضح أن المصائب والأحوال المكروهة كالآلام والأسقام والقحط والغرق والصواعق والفقر ونحوها تكون عقوبات على الذنوب لمن يرتكبها، أو من باب الامتحان في التكليف، لا من باب العقوبة كما في حق الأنبياء والأولياء.
ثم ذكر تعالى دليلا آخر على ألوهيته وهو إجراء السفن العظيمة على وجه البحر، وتأثير الرياح فيها إما بالتسيير وإما بالإغراق.
والخلاصة: بعد أن ذكر الله تعالى أنواعا من دلائل وحدانيته، ذكر بعدها العالم الأكبر وهو السموات والأرض، ثم العالم الأصغر، وهو الحيوان، ثم أتبعه بذكر المعاد وذكر السفن الجارية في البحر، لما فيها من عظيم دلائل القدرة.
التفسير والبيان:
{وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ، وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ، إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ} أي لو وسع الله على عباده رزقهم، وأعطاهم فوق حاجتهم من الرزق، لحملهم ذلك على البغي والطغيان، وعصوا في الأرض، وبطروا النعمة، وتكبروا، وطلبوا ما ليس لهم طلبه مثل قارون وفرعون، ولكنه تعالى ينزل من الرزق لعباده بتقدير معين، على حسب مشيئته، وما تقتضيه حكمته البالغة، ويختار لهم مما فيه صلاحهم، فيغني من يستحق الغنى، ويفقر من يستحق الفقر، إنه بعباده خبير بأحوالهم، بصير بما يصلحهم من توسيع الرزق وتضييقه، كما