جعلت الآيات أصناف المؤمنين في مواجهة الكفار أربعة أقسام:
١ - المهاجرون الأولون قبل غزوة بدر إلى صلح الحديبية.
٢ - الأنصار: أهل المدينة الذين آووا إخوانهم المهاجرين.
٣ - المؤمنون الذين لم يهاجروا.
٤ - المؤمنون الذين هاجروا بعد صلح الحديبية.
[أما المصنف الأول]
فهم المذكورون في مطلع الآية الأولى وهم الذين آمنوا بالله ورسوله أصحاب الهجرة الأولى قبل غزوة بدر إلى صلح الحديبية سنة ست من الهجرة، الذين خرجوا من ديارهم وأموالهم، وتركوها في مكة، وجاؤوا لنصر الله ورسوله وإقامة دينه، وبذلوا أنفسهم وأموالهم في سبيل الله. وهذا الصنف هو الأفضل والأكمل. وقد وصفهم الله بالإيمان، أي التصديق بكل ما جاء به النبي صلّى الله عليه وآله وسلم، ووصفهم بالمهاجرة من ديارهم وأوطانهم، فرارا بدينهم من فتنة المشركين، إرضاء لله تعالى ونصرا لرسوله صلّى الله عليه وآله وسلم، ونعتهم بالجهاد في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم.
أما الجهاد بالأموال: فهو إنفاقها في التعاون والهجرة والدفاع عن دين الله، كصرفها للكراع (الخيول) والسلاح، وعلى محاويج المسلمين. فضلا عن سخاء النفس بترك تلك الأموال في وطنهم: مكة.
وأما الجهاد بالنفس فهو قتال الأعداء والاستعلاء عليهم وعدم المبالاة بهم، وما كان قبل ذلك من احتمال المشاق، والصبر على الأذى والشدائد والاضطهاد المتواصل.
وتقديم الجهاد بالأموال على الأنفس؛ لأنه أدفع للحاجة ويتوقف الجهاد بالنفس عليه.