أهل العلم والبصر والحكمة: لا تفتتنوا به ولا تطمعوا، فثواب الله خير للمؤمن الذي يعمل الصالحات، فكان عاقبة طغيانه وظلمه وجحوده نعمة الله أن خسف الله به وبداره الأرض، دون أن يجد له نصيرا أو معينا.
التفسير والبيان:
{إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ} أي إن قارون الذي أصبح مضرب المثل والغنى والثروة والظلم والعتو كان من بني إسرائيل، فتجبر وتكبر بكثرة ماله، وتجاوز الحد في ظلمهم، وطلب منهم أن يكونوا تحت إمرته، مع أنه قريبهم:
وظلم ذوي القربى أشد غضاضة... على المرء من وقع الحسام المهنّد
{وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} أي وأعطيناه من الأموال النقدية والعينية المدخرة التي يثقل بحمل مفاتيح خزائنها العصبة (الجماعة الكثيرة) القوية من الناس. قال ابن عباس: إن مفاتيح خزائنه كان يحملها أربعون رجلا من الأقوياء.
فنصحه الوعاظ بمواعظ خمس قائلين:
١ - {إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ: لا تَفْرَحْ، إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} أي قال له جماعة من بني إسرائيل من النصحاء، حينما أظهر التفاخر والتعالي: لا تبطر ولا تفرح بما أنت فيه من المال، فإن الله لا يحب الأشرين البطرين الذين لا يشكرون الله على ما أعطاهم، ولا يستعدون للآخرة، أي يبغضهم ويعاقبهم، كقوله تعالى:{لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ، وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ، وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ}[الحديد ٢٣/ ٥٧].
٢ - {وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدّارَ الْآخِرَةَ} أي استعمل ما وهبك الله من هذا