للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صِنْوانٍ، يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ، وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ} [الرعد ٤/ ١٣].

إن في ذلكم الذي أمرتم بالنظر إليه لدلالات على كمال قدرة خالق هذه الأشياء وحكمته ورحمته، يستفيد منها المؤمنون المصدقون بالله والمتبعون رسله.

فقه الحياة أو الأحكام:

تضمنت الآيات خمسة أنواع من الأدلة على وجود الله الصانع وعلمه وقدرته وحكمته وهي ما يلي:

النوع الأول-مأخوذ من دلالة أحوال النبات والحيوان: فالله خالق الحب والنوى، وشاق الحب والنوى لإنبات الزرع والشجر، ومخرج النبات الغض الطري الخضر من الحب اليابس، ويخرج اليابس من النبات الحي النامي، كما قال: لزجاج، ويخرج البشر الحي من النطفة، والنطفة من البشر الحي كما قال المفسرون كالقرطبي، ويخرج المؤمن من الكافر، كما في حق إبراهيم عليه السلام، والكافر من المؤمن، كما في حق ولد نوح، والعاصي من المطيع، وبالعكس، كما قال ابن عباس.

ودل هذا على أن الحي أشرف من الميت، لذا وقع التعبير عن القسم الأول بصيغة الفعل، وعن القسم الثاني بصيغة الاسم؛ تنبيها على أن الاعتناء بإيجاد الحي من الميت أكثر وأكمل من الاعتناء بإيجاد الميت من الحي.

والنوع الثاني-مأخوذ من الأحوال الفلكية، وهذا أدل على القدرة الإلهية؛ لأن فلق ظلمة الليل بنور الصبح أعظم في كمال القدرة من فلق الحب والنوى بالنبات والشجر، ولأن الأحوال الفلكية أعظم في القلوب وأكثر وقعا من الأحوال الأرضية. وتضمن هذا النوع ثلاث آيات فلكية لها صلة بالأرض وهي فلق نور الصبح، أي شاقّ الضياء عن الظلام وكاشفه، وخالق النور والظلمة، وجاعل الليل سكنا أي محلا للسكون، وجاعل الشمس والقمر آيتين للحساب

<<  <  ج: ص:  >  >>