للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأمر ليس من الإرادة في شيء. والمعتزلة تقول: الأمر نفس الإرادة. قال القرطبي: وليس بصحيح، بل يأمر بما لا يريد، وينهى عما يريد. ألا ترى أنه أمر إبراهيم بذبح ولده، ولم يرده منه، وأمر نبيه أن يصلّي مع أمّته خمسين صلاة، ولم يرد منه إلا خمس صلوات. وقد أراد شهادة حمزة حيث يقول:

{وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ} [آل عمران ١٤٠/ ٣] ونهى الكفار عن قتله، ولم يأمرهم به (١).

٦ - الله تعالى متعاظم منزه عن الدنايا، باق دائم ثابت، كثير الخيرات والآثار الفاضلة والنتائج الشريفة، واسع الفضل والإحسان {تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ}.

[مشروعية الدعاء وآدابه وتحريم الإفساد في الأرض]

{اُدْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٥٥) وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَاُدْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٦)}

الإعراب:

{تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} إما منصوبان على المصدر، أو على الحال على معنى: ذوي تضرع وخفية.

{إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ} إنما قال: قريب بالتذكير لثلاثة أوجه: أنه ذكره حملا على المعنى، لأن الرحمة بمعنى الرّحم أو الترحم، وهو مذكر، أو لأن المراد بالرحمة: المطر، وهو مذكر، أو ذكّره على النّسب، أي: ذات قرب، كقولهم: امرأة طالق وطامث وحائض، أي ذات طلاق وطمث وحيض (ابن الأنباري: ٣٦٥/ ١). وأضاف الزمخشري: أو لأنه صفة موصوف محذوف، أي شيء قريب، أو على تشبيهه بفعيل الذي هو بمعنى مفعول، أو لأن تأنيث الرحمة غير حقيقي (الكشاف: ٥٥١/ ١) وذكر الرازي في تفسيره (١٣٦/ ١٤ - ١٣٧) أربعة وجوه من هذه.

وذكر القرطبي في تفسيره: ٢٢٧/ ٧ سبعة أوجه لقوله: {قَرِيبٌ} ولم يقل: قريبة، هي


(١) المرجع السابق: ٢٢٣/ ٧

<<  <  ج: ص:  >  >>