{خَلَقَ الْإِنْسانَ} أصل الإنسان وهو آدم {صَلْصالٍ} طين يابس له صلصلة أي صوت، إذا نقر {كَالْفَخّارِ} وهو الخزف: وهو ما طبخ من طين أو الطين المطبوخ حتى يتحجر. {وَخَلَقَ الْجَانَّ} أصل الجن وهو إبليس {مارِجٍ} لهب خالص لا دخان فيه {مِنْ نارٍ} بيان لمارج: فإنه في الأصل الشيء المضطرب.
{رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} أي مشرقي الشتاء والصيف، ومغربهما. {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} أرسلها وأجراهما، يقال: مرجت الدابة في المرعى، أي أرسلتها فيه، والبحران: العذب والملح.
{يَلْتَقِيانِ} يتجاوران في المصب دون فصل مرئي بينهما. {بَرْزَخٌ} حاجز من قدرة الله تعالى.
{لا يَبْغِيانِ} لا يبغي أحدهما على الآخر، فيختلط به أو يمتزج.
{يَخْرُجُ مِنْهُمَا} أي يخرج من أحدهما وهو الملح {اللُّؤْلُؤُ} صغار الدرّ المخلوق في الأصداف. {وَالْمَرْجانُ} كبار الدرّ أو الخرز الأحمر. {الْجَوارِ} السفن، جمع جارية.
{الْمُنْشَآتُ} المصنوعات المحدثات، أو الرافعات أشرعتها. {كَالْأَعْلامِ} كالجبال عظما وارتفاعا، جمع علم: وهو الجبل العالي الطويل.
المناسبة:
بعد تعداد أصول النعم على بني الإنسان وخلق العالم الكبير من السماء والأرض، أراد الله تعالى إيضاح أحوال بعضها، وهي أصل خلق الإنسان والجانّ وهو العالم الصغير، وبيان مشرق الشمس ومغربها وسلطانه عليهما، وعلى البحار وما فيها من لآلئ ومرجان، وما يسير على سطحها من مراكب عظيمة كالجبال، مما يدلّ على وحدانية الله وقدرته.
التفسير والبيان:
{خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخّارِ} أي خلق الله تعالى أصل الإنسان من طين يابس يسمع له صلصلة، أي صوت إذا نقر، يشبه الفخار، أي الخزف:
وهو الطين المطبوخ بالنار، للدلالة على صلابة الإنسان وتماسك أجزائه.