{لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ} أي زيادة، وهو ما لا يخطر ببالهم، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
المناسبة:
بعد بيان الحوار الذي يحصل يوم القيامة بين الكافر وقرينه من الشياطين، بيّن الله تعالى حال المتقين، جريا على عادة القرآن بالمقارنة بين الأضداد، وإيراد الشيء بعد نقيضه، فيحذر الإنسان ويخاف، ويطمع ويتأمل ويرجو رحمة الله تعالى، وبه تم الجمع بين الترهيب والترغيب وبين الخوف والرجاء أو الطمع.
التفسير والبيان:
{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ} أي أدنيت وقرّبت لأهل التقوى تقريبا غير بعيد، أو في مكان غير بعيد، بل هي بمرأى منهم، يشاهدونها في الموقف، وينظرون ما فيها، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
{هذا ما تُوعَدُونَ، لِكُلِّ أَوّابٍ حَفِيظٍ} أي تقول الملائكة لهم: هذا النعيم الذي ترونه من الجنة هو ما وعدتم به في كتب ربكم وعلى ألسنة الرسل الذين أرسلهم الله لكم، وهذا الثواب بعينه هو لكل رجّاع إلى الله تعالى وطاعته بالتوبة عن المعصية، والإقلاع عن الذنب، كثير الحفظ لحدود الله وشرائعه، ويحفظ العهد، فلا ينقضه ولا ينكثه ولا يهمل شيئا منه.
{مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ، وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ} أي ذلك المحافظ على الحدود، فلا يقربها: هو من خاف الله ولم يكن رآه، وخاف الله في سره حيث لا يراه أحد إلا الله عز وجل،
كقوله صلّى الله عليه وسلّم في السبعة الذين يظلهم في ظله يوم القيامة فيما أخرجه أحمد والشيخان والنسائي عن أبي هريرة:«ورجل ذكر الله تعالى خاليا، ففاضت عيناه» أي: بالدموع.