{وَقالُوا: لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ} أي قال كفار مكة: هلا أنزل على محمد {آياتٌ مِنْ رَبِّهِ} مثل ناقة صالح وعصا موسى ومائدة عيسى. {قُلْ: إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ} قل يا محمد لهم: إنما الآيات ينزلها الله كيف يشاء، ولست أملكها، فآتيكم بما تقترحونه. {وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} أي ليس من شأني إلا إنذار أهل المعصية بالنار بما أعطيت من الآيات.
{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ} آية لما طلبوا أو اقترحوا. {الْكِتابَ} القرآن. {يُتْلى عَلَيْهِمْ} تدوم تلاوته عليهم، فهو آية ثابتة مستمرة لا انقضاء لها، يتحداهم، بخلاف سائر الآيات. {إِنَّ فِي ذلِكَ} الكتاب الذي هو آية مستمرة وحجة مبينة. {لَرَحْمَةً} لنعمة عظيمة. {وَذِكْرى} عظة وتذكرة. {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} لمن همهم الإيمان دون التعنت.
{قُلْ: كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً} يشهد بصدقي. {يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} أي ويعلم حالي وحالكم. {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ} وهو ما يعبد من دون الله. {أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ} في صفقتهم حيث اشتروا الكفر بالإيمان.
{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ} بقولهم: {فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ}[الأنفال ٣٢/ ٨]. {وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى} معلوم محدد لكل عذاب أو قوم. {لَجاءَهُمُ الْعَذابُ} عاجلا. {وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً} فجأة، في الدنيا كوقعة بدر، وفي الآخرة عند نزول الموت بهم.
{وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} بوقت إتيانه. {يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ} في الدنيا. {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ} ستحيط بهم يوم يأتيهم العذاب. {يَوْمَ يَغْشاهُمُ} ظرف لكلمة (محيطة) و {يَغْشاهُمُ} يصيبهم. {مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} أي من جميع جوانبهم. {وَيَقُولُ} الله أو الملك الموكل بالعذاب. {ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي جزاءه، فلا تفوتونا.
سبب النزول:
نزول الآية (٥١):
{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ}: أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والدارمي في مسنده وأبو داود عن يحيى بن جعدة قال: جاء ناس من المسلمين بكتب كتبوها، فيها بعض ما سمعوه من اليهود،
فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:«كفى بقوم حمقا أو ضلالة أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إليهم إلى ما جاء به غيره إلى غيرهم»، فنزلت:{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ}.