بعد أن أبان الله تعالى الدلائل على كمال قدرته وكمال علمه، وفرع على ذلك القول بإمكان البعث والحشر والنشر، ثم أوضح كون القرآن معجزا، ونبّه بإعجازه على إثبات نبوة محمد صلّى الله عليه وسلم، أردف ما سبق ببيان مقدمات قيام القيامة، وهي إما كالعلامة للقيامة كإخراج دابة الأرض، وإما أن تقع عند قيام القيامة كنفخ الصور.
وإنما أخر تعالى الكلام عن علامات القيامة عن إثبات النبوة، لأن هذه الأشياء لا يمكن معرفتها إلا بقول النبي الصادق.
التفسير والبيان:
{وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ} أي أنه في آخر الزمان عند فساد الناس، وتركهم أوامر الله، وتبديلهم الدين الحق، واستحقاقهم العذاب الموعود به، وذلك قرب مجيء الساعة، يخرج الله للناس دابة من الأرض تحدثهم أن أكثر الناس كانوا بآيات الله لا يوقنون.
ولعل تلك الدابة هي إنسان كما قال بعض المفسرين الجدد؛ لوصفها بالكلام؛ ولأن كل ما يدب على الأرض فهو دابة.
وسميت تلك الدابة في الآثار بالجسّاسة، وورد في شأنها أحاديث آحاد، منها
ما رواه مسلم وأهل السنن عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: أشرف علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم من غرفة، ونحن نتذاكر أمر الساعة، فقال: «لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها، والدخان، والدابة، وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج عيسى بن مريم عليه السلام، والدجال، وثلاثة