وفي البر كالسرطان. {وَطَعامُهُ} ما قذف به ميتا إلى ساحله أو طفا على وجه الماء. {مَتاعاً} تمتيعا. {لَكُمْ} تأكلونه. {وَلِلسَّيّارَةِ} المسافرين منكم يتزودونه، جمع سيار: وهو المسافر.
{وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ} وهو ما يعيش في البر من الوحش المأكول، وحرم أن تصيدوه.
{ما دُمْتُمْ حُرُماً} أي محرمين، فلو صاده حلال، فللمحرم أكله في رأي جمهور العلماء، كما بينت السنة، إذا لم يصد له ولا من أجله. وأجاز الحنفية للمحرم أكل الصيد على كل حال إذا اصطاده الحلال، سواء صيد من أجله أو لم يصد؛ لظاهر قوله تعالى:{لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} فحرم صيده وقتله على المحرمين، دون ما صاده غيرهم. {تُحْشَرُونَ} تجمعون وتساقون إليه يوم الحشر.
سبب النزول:
أخرج ابن أبي حاتم في سبب نزول هذه الآية عن مقاتل: أنها نزلت في عمرة الحديبية، حيث ابتلاهم الله بالصيد، وهم محرمون، فكانت الوحوش تغشاهم في رحالهم، وكانوا متمكنين من صيدها، أخذا بأيديهم، وطعنا برماحهم، وذلك قوله تعالى:{تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ} فهموا بأخذها، فنزلت هذه الآية.
المناسبة:
وجه النظم والربط بين الآيات أنه تعالى قال:{لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ} ثم استثنى الخمر والميسر من ذلك، فصارا من المحرمات، لا من المحللات، ثم استثنى أيضا نوعا آخر وهو هذا النوع من الصيد: وهو صيد الإحرام، وبيّن جزاءه، فصار مستثنى مما أحل الله، داخلا فيما حرمه ومنعه على المؤمنين.
التفسير والبيان:
يا أيها الذين صدقوا بالله ورسوله، ليختبرنكم الله بإرسال كثير من الصيد، أو ببعض الصيد وهو صيد البر، تأخذونه بالأيدي أو تصطادونه بالرماح، وهو بيان لحكم صغار الصيد وكباره. وخص الأيدي والرماح؛ لأن الصيد يكون بهما غالبا. وتنكير قوله:{بِشَيْءٍ} للتحقير. وإنما امتحنوا بهذا الشيء الحقير