{الْمَلَأُ} الأشراف والزعماء. {إِلاّ بَشَراً مِثْلَنا} لا فضل لك علينا، ولا مزية لك علينا تخصك بالنبوة ووجوب الطاعة. {أَراذِلُنا} أسافلنا وأخساؤنا وأصحاب الحرف الخسيسة والفقراء، جمع أرذل الذي هو جمع رذل، مثل كلب وأكلب وأكالب. {بادِيَ الرَّأْيِ} ظاهر الرأي من غير تعمق، من البدو، أو أول الرأي أو ابتداء الرأي من غير تفكر فيك، من البدء، أي في بدء الحكم عليك من أول وهلة ووقت حدوث أول رأيهم. وهو منصوب على الظرف، أي وقت حدوث أول رأيهم. {وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ} أي زيادة تؤهلكم للنبوة واستحقاق المتابعة. {بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ} في ادعاء الرسالة والنبوة، وهذا الخطاب أدرجوا قومه معه فيه، وغلب المخاطب على الغائبين.
{أَرَأَيْتُمْ} أخبروني. {إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي} أي على حجة شاهدة بصحة دعواي الرسالة أو معجزة. {وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ} أي النبوة.
{فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ} خفيت عليكم فلم تهدكم، وحقه أن يقال: فعميتا، ولكن أفرد الضمير إما لأن البينة في نفسها هي الرحمة، أو لأن حذفها للاختصار أو الاقتصار على ذكره مرة، أو لأنه لكل واحدة من البينة والرحمة. {أَنُلْزِمُكُمُوها} يعني أنجبركم أو أنكرهكم على قبولها والاهتداء بها.
{وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ} لا تختارونها ولا تتأملون فيها، أي لا نقدر على ذلك.
{لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ} أي على التبليغ، وهو وإن لم يذكر فمعلوم مما ذكر. {مالاً} جعلا تعطونيه. {إِنْ أَجرِيَ} أى ما ثوابي المأمول. {وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا} جواب لهم حين سألوا طردهم. {إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ} بالبعث، فيجازيهم ويأخذ لهم ممن ظلمهم وطردهم.
{تَجْهَلُونَ} عاقبة أمركم. {مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ} أي يمنعني من عذابه، أي لا ناصر لي إن طردتهم. {أَفَلا} فهلا. {تَذَكَّرُونَ} تتعظون، فإن طردهم ليس بصواب.
{خَزائِنُ اللهِ} أي خزائن رزقه أو أمواله حتى جحدتم فضلي. {وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} عطف، أي ولا أقول لكم: أنا أعلم الغيب حتى تكذبوني، أو حتى أعلم أن هؤلاء اتبعوني بادي الرأي من غير بصيرة ولا تصميم قلبي. {وَلا أَقُولُ: إِنِّي مَلَكٌ} بل أنا بشر مثلكم. {تَزْدَرِي} تحتقر شأنهم لفقرهم. {لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً} أي فإن ما أعد الله لهم في الآخرة خير مما آتاكم في الدنيا.
{اللهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ} قلوبهم. {إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظّالِمِينَ} أي إن قلت شيئا من ذلك.
المناسبة:
بعد أن أثبت الله تعالى بعثة النبي صلى الله عليه وسلّم، وأن القرآن وحي من الله تعالى، وبعد أن ذكر حال فريقي المؤمنين والكافرين المكذبين، وحض على الاعتبار