والنّوع الثاني-شحوم البقر والغنم: وهي الشحوم الرقيقة التي تكون على الكرش والكلى. واستثنى الله تعالى من الشحوم ثلاثة أنواع لم يحرمها عليهم وهي: ما علق بالظهر {ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما}، و {الْحَوايا}: قال الواحدي: وهي المباعر والمصارين، والمختلط بالعظم {مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ}:
وهو شحم الألية في قول جميع المفسّرين. قال ابن جريج: حرّم عليهم كلّ شحم غير مختلط بعظم أو على عظم، وأحلّ لهم شحم الجنب والألية؛ لأنه على العصعص.
وقد احتجّ الشافعي بهذه الآية في أن من حلف ألاّ يأكل الشحم، حنث بأكل شحم الظّهور؛ لاستثناء الله عزّ وجلّ ما على ظهورهما من جملة الشّحم.
والصحيح مذهب عامة العلماء: أن اليهود لو ذبحوا أنعامهم، فأكلوا ما أحلّ الله لهم في التّوراة، وتركوا ما حرّم عليهم، لم يكن عليهم بأس؛ فإنها محلّلة لنا؛ لأن الله عزّ وجلّ رفع ذلك التّحريم بالإسلام، واعتقادهم فيه لا يؤثر؛ لأنه اعتقاد فاسد، ويؤيده
أنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم أقرّ عبد الله بن مغفّل على الأكل من جراب شحم أصابه يوم خيبر.
وقيل في رواية عن مالك: هي محرّمة؛ لأنهم يدينون بتحريمها، ولا يقصدونها عند الذّكاة (الذّبح الشّرعي) فكانت محرّمة كالدّم. وهو مذهب كبراء أصحاب مالك.