للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ذكر الله تعالى هذا شأن علماء اليهود وأحبارهم، أما الأميون منهم، فإنهم لا يعرفون عن دينهم إلا أكاذيب سمعوها ولم يعقلوها، مثل القول بأنهم شعب الله المختار، وأن الأنبياء منهم فيشفعون لهم، وأن النار لا تمسهم إلا أياما معدودة، وما هم في كل ذلك إلا واهمون ظانون ظنا لا صحة له.

فلا أمل في أيمانهم، ولا أسف على أمثالهم، فمن كانت هذه صفاته وقبائحه، فلا خير فيه، ولا أسف عليه.

والمراد بما فتح الله على اليهود: الإنعام بالشريعة والأحكام، والبشارة بالنبي عليه الصلاة والسّلام، شبّه الذي يعطى الشريعة بالمحصور في الصلاة يفتح عليه، فيخرج من الضيق. أو أن معنى {بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ}: بما حكم به وأخذ به الميثاق عليكم من الإيمان بالنبي الذي يجيئكم مصدقا لما معكم، ونصره. والمقصود بقوله {عِنْدَ رَبِّكُمْ} أن المحاجة في الآخرة، كما قال السيوطي، ورأى المحققون أنه بمعنى: في كتاب الله وحكمه أي أن ما تحدثونهم به من التوراة موافق لما في القرآن، فالمحاجة في الدنيا، فهو كقوله تعالى في أهل الإفك: {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ، فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ} [النور ١٣/ ٢٤] أي في حكمه المبين في كتابه (١).

وأما الأماني: فهي الأكاذيب، وفسرها بعضهم بالقراءات، أي أنهم لا حظّ‍ لهم من الكتاب إلا قراءة ألفاظه من غير فهم ولا اعتبار يظهر أثرهما في العمل، فهو على حد: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها، كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً} [الجمعة ٥/ ٦٢].

فقه الحياة أو الأحكام:

التحريف والتبديل لكلام الله أشد الحرام، سواء أكان بالتأويل الفاسد، أم


(١) تفسير المنار: ٣٥٧/ ١ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>