{كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ}{وَجْهَهُ}: مستثنى منصوب. ويجوز فيه الرفع على الصفة، وتكون {إِلاّ} بمعنى غير، مثل: قام القوم إلا زيد، بالرفع على الوصف، كقولهم: قام القوم غير زيد، وكقول الشاعر:
وكل أخ مفارقه أخوه... لعمر أبيك إلا الفرقدان
أي غير الفرقدين.
البلاغة:
{إِلاّ وَجْهَهُ} مجاز مرسل، من قبيل إطلاق الجزء وإرادة الكل، أي ذاته المقدسة.
المفردات اللغوية:
{فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} أنزله عليك، وأوجب عليك تلاوته وتبليغه والعمل بما فيه {لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ} أي بلده مكة، فكأن الله تعالى وعده وهو بمكة في أذى وغلبة من أهلها أنه يهاجر منها ويعيده إليها ظافرا منتصرا، علما بأن السورة مكية. وقيل: المعاد: هو المقام المحمود الذي وعده ربه أنه يبعثه فيه يوم القيامة، فيسأله عما استرعاه من أعباء النبوة.
{أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى}{أَعْلَمُ} بمعنى عالم، و {مَنْ} منتصب بفعل يفسره: أعلم، أي فالنبي هو الجائي بالهدى، جوابا لقول كفار مكة: إنك في ضلال، والحقيقة أنهم هم في ضلال {الْكِتابُ} القرآن {إِلاّ رَحْمَةً} أي لكن ألقي إليك رحمة من ربك، أي لأجل الترحم {ظَهِيراً} معينا وناصرا {لِلْكافِرِينَ} على دينهم الذي دعوك إليه، بمداراتهم، والتحمل منهم، والإجابة إلى طلبهم.
{وَلا يَصُدُّنَّكَ} أصله: ولا يصدونك، حذفت نون الرفع للجازم، والواو الفاعل؛ لالتقائها مع النون الساكنة {عَنْ آياتِ اللهِ} أي عن قراءتها والعمل بها. {بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ} أي لا ترجع إليهم في ذلك {وَادْعُ إِلى رَبِّكَ} أي وادع الناس إلى توحيده وعبادته {وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} بإعانتهم، علما بأنه لم يؤثر الجازم في الفعل لبنائه {وَلا تَدْعُ} تعبد {هالِكٌ} معدوم {إِلاّ وَجْهَهُ} إلا ذاته {لَهُ الْحُكْمُ} القضاء النافذ {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} بالنشور من قبوركم.