{فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ} ما الأولى: نافية أو استفهامية منصوبة بأغنى، والثانية: موصولة أو مصدرية مرفوعة به.
{فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ}{مِنَ}: للتبيين، أي تبيين «ما» أي فرحوا بالشيء الذي عندهم من العلم. أو تبيين «البينات» وفي الآية تقديم وتأخير، والتقدير: فلما جاءتهم رسلهم بالبينات من العلم، فرحوا بما عندهم. والأوجه هو الأول.
{سُنَّتَ اللهِ} منصوب على المصدر، بفعل مقدر من لفظه، أي سن الله ذلك سنة ماضية في العباد، وهي من المصادر المؤكدة بمنزلة «وعد الله» وما أشبهه من المصادر المؤكدة.
البلاغة:
{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ.}.؟ استفهام للإنكار، إنكار عدم السير المترتب عليه النظر السليم.
المفردات اللغوية:
{كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ.}. استئناف مبين لحالهم {وَآثاراً فِي الْأَرْضِ} ما أبقوه من القصور والمصانع والحصون ونحوها {بِالْبَيِّناتِ} بالمعجزات والآيات الواضحات {فَرِحُوا} أي الكفار فرح استهزاء وضحك، متنكرين له {بِما عِنْدَهُمْ} عند الرسل {مِنَ الْعِلْمِ} أي واستحقروا علم الرسل، والمراد بالعلم: عقائدهم الزائغة وشبههم الداحضة، وسماها علما على زعمهم تهكما بهم، والآية كقوله تعالى:{بَلِ ادّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ}[النحل ٦٦/ ١٦] أي تكامل واستحكم علمهم بأحوالها في الآخرة، وهو تهكم بهم لفرط جهلهم بها، وعلمهم: هو قولهم: لا نبعث ولا نعذب، وما أظن الساعة قائمة، ونحوها.
{وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ} أي نزل بهم ما هزئوا به من العذاب، وهذا يؤيد أن المراد بفرحهم: استهزاؤهم بالرسول وضحكهم منه {بَأْسَنا} شدة عذابنا {وَكَفَرْنا بِما كُنّا بِهِ مُشْرِكِينَ} يعنون الأصنام {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ} أي لم يصح ولم يستقم، لامتناع قبوله {سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ} أي سن الله ذلك سنة ماضية في العباد أو الأمم ألا ينفعهم الإيمان وقت نزول العذاب {وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ} تبين خسرانهم لكل أحد، وهم خاسرون في كل وقت قبل ذلك. و {هُنالِكَ} أي وقت رؤيتهم البأس، وهو اسم مكان أستعير للزمان.
وسبب ترادف الفاءات هو كما أبان الزمخشري: أما قوله تعالى: {فَما أَغْنى عَنْهُمْ} فهو نتيجة لقوله: {كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ}. وأما قوله:{فَلَمّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ} فهو كالتفسير