صبروا، فلما خرجوا رجع عبد الله بن أبيّ في ثلاثمائة، فتبعهم أبو جابر السّلمي يدعوهم، فقالوا: لو نعلم قتالا لاتبعناكم، ولئن أطعتنا لترجعنّ معنا، فنعى الله عليهم ذلك بقوله:{الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ..} ..
فرد الله تعالى قولهم: قل يا محمد لهم: إن كان القعود يسلم به الشخص من القتل والموت، فينبغي أنكم لا تموتون، والموت لا بد آت إليكم، ولو كنتم في بروج مشيدة، فادفعوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين. قال مجاهد عن جابر بن عبد الله: نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي بن سلول وأصحابه.
فقه الحياة أو الأحكام:
تعقد الآية (١٦٥) مقارنة بين نتائج غزوتي بدر وأحد، محورها أن المسلمين أصيبوا إصابة شديدة يوم أحد بقتل سبعين منهم، مع أنهم يوم بدر أصابوا من المشركين ضعفي ذلك العدد، فقتلوا منهم سبعين وأسروا سبعين، والأسير في حكم المقتول؛ لأن الأسر يقتل أسيره للضرورة إن أراد، وقد هزموا المشركين يوم بدر، ويوم أحد أيضا في ابتداء المعركة، وقتلوا منهم في يومين قريبا من عشرين.
ومن الخطأ قولهم: من أين أصابنا هذا الانهزام والقتل، ونحن نقاتل في سبيل الله، ونحن مسلمون، وفينا النبي والوحي، وهم مشركون! والسبب أن هزيمتهم كانت بسبب من أنفسهم، وهو مخالفة الرماة، وما من قوم أطاعوا نبيهم في حرب إلا نصروا؛ لأنهم إذا أطاعوا فهم حزب الله، وحزب الله هم الغالبون.
ومصابهم يوم أحد من القتل والجرح والهزيمة إنما هو بعلم الله وقضائه وقدره لحكمة في ذلك، وهي تربيتهم وتحذيرهم من المخالفة، وتمييز المؤمنين من المنافقين.