أعمالهم الخيرية من صدقة وصلة رحم ونحوها، فلا يرون لها في الآخرة ثوابا، فيكون المعنى: يبطل حسنات أعمالهم بكفرهم ومشاقتهم ومعاداتهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
{وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ} لا تبطلوا ثواب أعمالكم بما أبطل به هؤلاء، كالكفر والنفاق والعجب والرياء والمن والأذى ونحوها، قال البيضاوي: وليس فيه دليل على إحباط الطاعات بالكبائر.
{وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ} عن طريق الحق والهدى {ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفّارٌ، فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ} هذا عام في كل من مات على كفره، وإن صح نزوله في أصحاب القليب (البئر غير المطوية) يوم بدر.
{فَلا تَهِنُوا} لا تضعفوا {وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ} بكسر السين وفتحها، أي إلى الصلح خورا وتذللا مع الكفار إذا لقيتموهم، وقرئ: ولا تدّعوا: من ادّعى بمعنى دعا {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} الأغلبون القاهرون {وَاللهُ مَعَكُمْ} بالعون والنصر، أي ناصركم {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ} لن يضيع ثواب أعمالكم ولن ينقصها، يقال: وتره حقّه، أي نقصه، ومنه
قوله صلّى الله عليه وسلّم فيما أخرجه النسائي عن نوفل بن معاوية:«من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله» أي ذهب بهما، وأصبح فردا.
سبب النزول:
نزول الآية (٣٢):
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا} .. {لَنْ يَضُرُّوا اللهَ} قال ابن عباس: هم المطعمون يوم بدر.
نزول الآية (٣٣):
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ} خطاب للمؤمنين بلزوم الطاعة في أوامر الله تعالى والرسول صلّى الله عليه وسلّم في سنته. أخرج ابن أبي حاتم ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة عن أبي العالية قال: كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يرون أنه لا يضر مع «لا إله إلا الله» ذنب، كما لا ينفع مع الشرك عمل، فنزلت:{أَطِيعُوا اللهَ، وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ، وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ} فخافوا أن يبطل الذنب العمل.