وَرَسُولَهُ، وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ} أي حين لم تفعلوا ما أمرتكم به من الصدقة قبل النجوى لثقلها عليكم، ورخص الله لكم في الترك، والمناجاة من غير صدقة، فثابروا واثبتوا على إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وطاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، والله خبير محيط بأعمالكم كلها ظاهرها وباطنها، فمجازيكم عليها. والإشفاق: الخوف من المكروه.
قال قتادة ومقاتل بن حيان: سأل الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه بالمسألة، ففطمهم الله بهذه الآية، فكان الرجل منهم إذا كانت له الحاجة إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلا يستطيع أن يقضيها حتى يقدّم بين يديه صدقة، فاشتد ذلك عليهم، فأنزل الله الرخصة بعد ذلك.
وليس في الآية إشارة إلى وقوع تقصير من الصحابة في تقديم الصدقة، فقد يكون عدم الفعل، لأنهم لم يناجوا. ولا يدل أيضا قوله:{تابَ اللهُ عَلَيْكُمْ} على أنهم قصروا، لأن المعنى أنه تاب عليهم برفع التكليف عنهم تخفيفا، ومثل هذا يجوز أن يعبر عنه بالتوبة.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيتان على ما يأتي:
١ - أوجب الله تقديم الصدقة قبل مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم، تعظيما لنبيه وتخفيفا عنه من كثرة الأسئلة، ثم خفف الله عن الأمة، ورفع التكليف.
والظاهر أن النسخ إنما وقع بعد فعل الصدقة، فقد تصدق علي بن أبي طالب رضي الله عنه، كما تقدم، ولم يوجد مقتض للمناجاة لدى بقية الصحابة الذين تريثوا وفهموا علة التكليف.
وكان التكليف مقصورا على الأغنياء، لأنه تعالى جعل الصدقة بالمال خيرا