١ - امتن الله تعالى على بني إسرائيل بنعم ست هي التوراة، وفهم الكتاب أو الحكم بين الناس والقضاء في الخصومات، وإرسال كثير من الأنبياء فيهم وهم من عهد يوسف عليه السلام إلى زمن عيسى عليه السلام، ورزقهم من طيبات الحلال من الأقوات والثمار وأطعمة الشام، وتفضيلهم على عالمي زمانهم، وإيتاؤهم بيّنات الأمر، أي دلائل الحق الواضحة، وشرائع الحلال والحرام، والمعجزات الداعية إلى الصدق والإيمان.
٢ - لم يقع الخلاف بين بني إسرائيل بإيمان بعضهم وكفر بعضهم إلا بعد قيام الحجة عليهم، وتعريفهم بحقيقة الحال، وإدراكهم صحة نبوة النبي صلّى الله عليه وسلّم بوثائقهم الدينية وإخبار كتبهم وبشائرها بنبي آخر الزمان.
وكان خلافهم نابعا من الأغراض الذاتية، كالحسد والعداوة وحب الرياسة، لا من أجل المصلحة العامة.
وتحذيرا من هذا الخلاف توعدهم الله بقضائه الحاسم وحكمه العادل يوم القيامة فيما اختلفوا فيه من أمر الدين في الدنيا.
٣ - وبما أن الأمر المختلف فيه عقيدة وشريعة لا يصلح للبقاء والاستمرار، أوصى الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلّم وأمته والبشرية كلها باتباع شريعة القرآن. والشريعة:
ما شرع الله لعباده من أمر الدين. وتلك الشريعة منهاج واضح يؤدي إلى الحق والسعادة والنجاة في الآخرة، لأنها تتضمن أوامر الله ونواهيه وحدوده وفرائضه الثابتة ثبوتا قطعيا لا شك فيه، أما ما قبلها فلم يقم دليل واحد على صحة ما يتناقله أهلها منها، أو ثبوته ثبوتا صحيحا من عند الله تعالى، لضياع