الكفار في عبادتهم الأصنام بالعنكبوت في بنائها بيتا ضعيف النسج قابلا للاختراق والزوال بنفخة هواء. والتشبيه التمثلي: هو ما كان وجه الشبه فيه منتزعا من متعدد.
المفردات اللغوية:
{مَثَلُ} المثل: الصفة التي تشبه المثل في الغرابة. {أَوْلِياءَ} أصناما يرجون نفعها.
{الْعَنْكَبُوتِ} حشرة معروفة. {اِتَّخَذَتْ بَيْتاً} لنفسها تأوي إليه مما نسجته من شبكة واهنة ضعيفة. {أَوْهَنَ} أضعف البيوت، لا يدفع عنها حرا ولا بردا، كذلك الأصنام لا تنفع عابديها.
{لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ} ذلك ما عبدوها.
{إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ} على إضمار القول، أي قل للكفرة: إن الله يعلم الذي يعبدون، والكلام تجهيل لهم وتأكيد للمثل. {مِنْ دُونِهِ} غيره. {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} الغالب القوي في ملكه، الحكيم في صنعه، وهو تعليل لما سبق، فإن من فرط الغباوة إشراك ما لا يعدّ شيئا بمن هذا شأنه، فالجماد بالنسبة إلى القادر القاهر على كل شيء، البالغ النهاية في العلم وإتقان الفعل كالمعدوم.
{وَتِلْكَ الْأَمْثالُ} يعني هذا المثل ونظائره. {نَضْرِبُها لِلنّاسِ} نجعلها مثلا تقريبا لأفهامهم. {وَما يَعْقِلُها} يفهمها. {إِلاَّ الْعالِمُونَ} المتدبرون الذين يتدبرون الأشياء على ما ينبغي، روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه تلا هذه الآية فقال:«العالم: من عقل عن الله، فعمل بطاعته، واجتنب سخطه».
المناسبة:
بعد أن أبان الله تعالى أنه أهلك من أشرك بعاجل العقاب، وسيعذبه بشديد العذاب، دون أن ينفعه معبوده في الدارين، شبّه حال هذا المشرك الذي اتخذ معبودا دون الله بحال العنكبوت التي اتخذت بيتا لا يحميها من الأذى، ولا يمنع عنها الحر أو البرد.
ثم أكد ذلك فأوضح أن ما يدعونه ليس بشيء، فكيف يعبد وتترك عبادة الله القادر القاهر الحكيم المتقن؟ ثم لفت النظر إلى فائدة ضرب الأمثال وهي التقريب للأفهام وإدراك العقلاء لمغزاها.