هذه الآيات مرتبطة بما قبلها، تتضمن تهديد المشركين وحثهم على التفكر والنظر في المخلوقات الدالة على وجود الله وانفراده بخلقها، وأنه لا إله غيره، ولا ربّ سواه، بعد بيان ما صدر منهم من إنكار الإله بإنكار وعده، وإنكار البعث، كما قال تعالى:{وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ}.
التفسير والبيان:
{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى} أي أولم يحدثوا التفكر في عقولهم، أو يفكروا في أمر أنفسهم بأن يجيلوا فيه الفكر، فيقولوا: إن الله لم يخلق الكون من السماء والأرض وما فيهما من العالم العلوي والسفلي، وما بينهما من المخلوقات الكثيرة المتنوعة والأجناس المختلفة، فيعلموا أنها ما خلقت سدى ولا عبثا ولا باطلا، بل كان خلقها مقرونا بالحق، مصحوبا بالحكمة، وبتقدير أجل مسمى لا بد لها من أن تنتهي إليه، وهو قيام الساعة ووقت الحساب والثواب والعقاب، فإذا حل الأجل بدلت الأرض غير الأرض والسموات، وبرزوا لحساب الله الواحد القهار.
وهذا حثّ لهم على إعمال الفكر السليم الموصل إلى معرفة الله ووحدانيته بالنظر في أنفسهم وما حولهم من مشاهد الكون، والمراد أن أسباب العلم الصحيح ومفاتيح الهداية تعتمد على العقل وأنه متوافر لديهم، لكنهم عطلوه ولم يعملوه فيما يجب إعماله.
{وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ} أي وإن أكثر الناس ولا سيما الكفار لجاحدون منكرون وجود البعث والحساب؛ لأنهم لم يتفكروا في أنفسهم، ولو تفكروا لأيقنوا بمعادهم إلى ربّهم بعد الموت.
ثم نبّه الله تعالى على صدق رسله فيما جاؤوا به عن ربهم بما أيّدهم به من