وكون هذه الآية أطول آية في القرآن الكريم دليل على أن المال في ذاته ليس مبغوضا عند الله، وعلى أن الإسلام معني باقتصاديات الأمة، وأنه دين ودولة وحياة ونظام مجتمع، وليس دين رهبنة وفقر، وانعزال عن الحياة، فتنظيم التعامل بين الناس، وتبيان طريق حفظ الحقوق، وتعاطي التجارة وتنمية المال، يدل كل ذلك على أن الإسلام دين عمل وجهد وكفاح، وحرص على الكسب والربح من أوجه الحلال،
روى أحمد والطبراني من حديث عمرو بن العاص:«نعمّا المال الصالح للمرء الصالح».
وأما البذل في المصالح العامة وتحريم الربا فهو عنوان على تضامن الأمة وتراحمها، ونبذها الظلم والاستغلال والكسب من غير جهد وكدّ وعمل. وأما ذمّ الدنيا أو المال في بعض الآيات والأحاديث: فإنما هو عند نسيان جانب الآخرة، واستعباد المال صاحبه، فيبخل في إنفاقه، ولا يبالي في جمعه من طريق حلال أو حرام، قال تعالى:{إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ، وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}[التغابن ١٥/ ٦٤] وقال سبحانه: {اِعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ، وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفّارَ نَباتُهُ، ثُمَّ يَهِيجُ، فَتَراهُ مُصْفَرًّا، ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً، وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ، وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٌ، وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاّ مَتاعُ الْغُرُورِ}[الحديد ٢٠/ ٥٧]. و
روى البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم».
التفسير والبيان:
يا من اتصفتم بالإيمان إذ تعاملتم بالدّين المؤجل في الذمة بيعا أو سلما أو قرضا، كبيع شيء بثمن مؤجل، أو بيع سلعة مؤجلة إلى أجل مسمى مع بيان الجنس والنوع والقدر، بثمن معجل وهو المسمى بالسلم أو السلف، وقرض مبلغ من المال، إذا تعاملتم ببدل مؤجل، فاكتبوا ما يدل على هذا التعامل، مع بيان الأجل بالأيام أو بالأشهر أو بالسنين، أي بكونه معلوما، لا بالتأجيل إلى