للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعث الله لهم شعيبا وقيل غيره، فدعاهم إلى توحيد الله والإيمان به وبرسالته، فكذّبوه، فبينا هم حول البئر قعود، خسف الله بهم وبمنازلهم. واختار ابن جرير أن المراد بأصحاب الرسّ: هم أصحاب الأخدود الذين ذكروا في سورة البروج.

{وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً} أي واذكر لهم أمما كثيرة بين قوم نوح وعاد وأصحاب الرس، لما كذبوا الرسل، أهلكناهم جميعا.

{وَكُلاًّ ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ، وَكُلاًّ تَبَّرْنا تَتْبِيراً} أي وكل واحد من هؤلاء الأقوام بيّنا لهم الحجج، وأوضحنا لهم الأدلة، وأزحنا الأعذار عنهم، فلم يؤمنوا وإنما كذّبوا، بالرغم من الرد على كل الشبهات والاعتراضات، فأهلكناهم إهلاكا شديدا، كقوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ} [الإسراء ١٧/ ١٧]. والقرن في الأظهر: هو الأمة المتعاصرون في الزمن الواحد، فإذا ذهبوا وخلفهم جيل آخر فهو قرن آخر، كما

ثبت في الصحيحين: «خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم». والتتبير: التفتيت والتكسير.

القصة الرابعة-قصة لوط‍ عليه السلام:

{وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ} أي ذكّر مشركي مكة بعبرة أخرى، وهي أنهم والله لقد مروا أثناء تجارتهم إلى الشام في رحلة الصيف على سدوم أعظم قرى قوم لوط‍ التي أهلكها الله بالقلب (جعل عاليها سافلها) وبالمطر المصحوب بالحجارة من سجّيل، كما قال تعالى: {وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً، فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} [الشعراء ١٧٣/ ٢٦] لارتكابهم الفاحشة.

{أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها، بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً} أي أفلم يروا ما حلّ بتلك القرية من عذاب الله ونكاله، بسبب تكذيبهم بالرسول، وبمخالفتهم أوامر الله، إنهم فعلا يرون ذلك، ولكنهم لم يعتبروا، ومنشأ عدم العظة والعبرة

<<  <  ج: ص:  >  >>