{لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ..}. {الرُّؤْيا} بحذف مضاف أي تأويل الرؤيا، لأن الرؤيا مخايل ترى في النوم، فلا تحتمل صدقا ولا كذبا، وإنما يحتمل الصدق والكذب تأويلها. وبالحق: إما صفة مصدر محذوف أي صدقا ملتبسا بالحق، أو قسم باسم الله أو بنقيض الباطل. و {لَتَدْخُلُنَّ} أصله: لتدخلون، إلا أنه لما دخلت نون التوكيد حذفت النون التي هي نون الإعراب، لتوالي الأمثال، والفعل معرب عند الجمهور، ويرى ابن الأنباري أن النون المحذوفة للبناء.
و {آمِنِينَ}{مُحَلِّقِينَ}{مُقَصِّرِينَ} كلها منصوبات على الحال من الضمير المحذوف في {لَتَدْخُلُنَّ} وكذلك قوله: {لا تَخافُونَ} جملة في موضع الحال، وتقديره: غير خائفين.
{وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً} تقديره: كفاكم الله شهيدا، فحذف مفعولي {كَفى}، و {كَفى} يتعدى إلى مفعولين، قال تعالى:{فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ}[البقرة ١٣٧/ ٢].
و {شَهِيداً} منصوب على التمييز، أو الحال.
البلاغة:
{مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} بينهما طباق.
المفردات اللغوية:
{لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا} صدّقه في رؤياه ولم يكذبه، فحذف الجار وهو «في» ووصل الفعل، كقوله تعالى:{صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ}[الفتح ٢٧/ ٤٨]{بِالْحَقِّ} يرى الزمخشري أنه متعلق ب {صَدَقَ}، أي صدقه فيما رأى وفي كونه وحصوله صدقا ملتبسا بالحق، أي بالغرض الصحيح والحكمة البالغة، ويجوز أن يتعلق ب {الرُّؤْيا} حالا منها، أي صدقه الرؤيا ملتبسا بالحق، على معنى أنها لم تكن أضغاث أحلام، ويجوز أن يكون {بِالْحَقِّ} قسما إما بالحق الذي هو نقيض الباطل، أو بالحق الذي هو من أسماء الله تعالى.
{لَتَدْخُلُنَّ} جواب القسم على أن {بِالْحَقِّ} قسم، وعلى الرأي الأول والثاني هو جواب قسم محذوف {إِنْ شاءَ اللهُ} تعليق للوعد (أو للعدة) بالمشيئة، تعليما للعباد {مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} محلقا بعضكم جميع شعورهم، ومقصرا آخرون بعض شعورهم {لا تَخافُونَ} أبدا {فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا} من الحكمة في تأخير ذلك {فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ} جعل من دون دخول المسجد، أو من دون فتح مكة {فَتْحاً قَرِيباً} هو فتح خيبر، ثم تحققت الرؤيا في العام القابل.