وبين الإسراء بمحمد صلّى الله عليه وآله وسلم إلى بيت المقدس، وإيتاء موسى التوراة بمسيره إلى الطور تناسب واضح.
ثم أبان الله تعالى تشريفه لبني إسرائيل وإتمام نعمته عليهم، لحملهم على اتباع الرسل، فقال:{ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ.}. أي يا ذرية أو نسل وحفدة أولئك الذين نجاهم الله من الغرق مع نوح، وهداهم إلى طريق التوحيد والحق والخير، تشبّهوا بأصولكم، فأنتم أولى الناس بالتوحيد واتباع سيرة الأنبياء والمرسلين، وفي مقدمتهم أبوكم نوح عليه السلام الذي كان عبدا مبالغا في الشكر لنعم الله وعرفان قدره وعظمته، وإنما يكون العبد شكورا إذا كان موحدا لا يرى حصول شيء من النعم إلا من فضل الله، فاقتفوا أثره، واتبعوا منهجه وسنته، واقتدوا به كما أن آباءكم اقتدوا به.
ووصف نوح بكونه {عَبْداً} ووصف نبينا محمد بأنه «عبد» دليل واضح على مرتبة الأنبياء، وهي مرتبة العبودية الخالصة لله، فإن معجزة الإسراء والمعراج الخارقة لا يصح وصفها بغير حقيقتها، ولا وضع النبي صلّى الله عليه وآله وسلم في منزلة تتجاوز موضعه الحقيقي وهو كونه عبدا لله، أي خاضعا لعزة الله وسلطانه، خلافا لما وصفت به النصارى المسيح، ووضعوه في غير موضعه الصحيح.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
١ - ثبوت حادثة الإسراء بنص القرآن الكريم بدلالة قطعية، وثبت الإسراء أيضا في جميع مصنفات الحديث، وروي عن عشرين صحابيا، فهو من المتواتر.
روى مسلم في صحيحة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم قال: «أتيت بالبراق-وهو دابة، أبيض طويل فوق الحمار، ودون البغل،