على المشركين، فلما بعث من غيرهم حسدوا العرب على ذلك، وأنكروه، وكفروا به بعد إيمان سابق.
وأرى أنه لا مانع من تعدد أسباب النزول، وإن كانت القرائن ترجح أن الآية نزلت في أهل الكتاب-ومثلهم المشركون-؛ لأن الآيات السابقة تدور حول محاورتهم ومناقشتهم واستئصال جذور الشرك من نفوسهم.
وهذا ما رجحه أيضا ابن جرير الطبري، وأيده في (تفسير المنار).
مجمل بيان الآيات: هذه الآيات جعلت الكفار أصنافا ثلاثة:
١ - الذين تابوا توبة صادقة، وهم الذين أشارت إليهم الآية:{إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا}.
٢ - الذين تابوا توبة غير صحيحة، وهم المذكورون في قوله:{لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ}.
٣ - الذين لم يتوبوا أصلا وماتوا على الكفر، وهم الموصوفون بقوله:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا، وَماتُوا وَهُمْ كُفّارٌ}.
التفسير والبيان:
كيف يهدي الله قوما كاليهود والنصارى الذين كفروا بعد إيمانهم وشهادتهم أن الرسول حق، وأرشدتهم الآيات الواضحات من القرآن والكتب السابقة وسائر المعجزات الدالة على صدق نبوته وصحة رسالته؟! هذا استبعاد لهداية هؤلاء وتيئيس للنبي صلّى الله عليه وسلّم منهم، كما قال البيضاوي. فمن سنن الله تعالى في هداية البشر إلى الحق أن يقيم لهم الدلائل والبينات، مع إزالة الموانع من النظر فيها على النحو المؤدي إلى المطلوب، وقد مكنهم الله من هذا كله، وآمنوا به ثم كفروا.