{لا يَسْتَحْيِي} جملة فعلية منفية في موضع رفع خبر {إِنَّ}. {أَنْ يَضْرِبَ} في موضع نصب بفعل {يَسْتَحْيِي} وحذف حرف الجر هنا، لأن {إِنَّ} هنا مصدرية. {مَثَلاً} مفعول أول، و {ما} في قوله {مَثَلاً ما بَعُوضَةً} إما زائدة لتأكيد الخسة أي مثلا بعوضة، و {بَعُوضَةً} بالنصب على البدل من مثل، وإما نكرة موصوفة بما بعدها بدل من مثل أي مثلا شيئا بعوضة فهو مفعول ثان، وإما بمعنى «الذي» و «بعوضة» مرفوع خبر مبتدأ مقدّر، أي الذي هو بعوضة. {فَما فَوْقَها} ما: عطف على {ما} الأولى، أو على {بَعُوضَةً} إن جعلت «ما» زائدة. {فَأَمَّا} حرف فيه معنى الشرط، فوقع في جوابها الفاء.
{ماذا} إما كلمة واحدة للاستفهام في موضع نصب بأراد، والمعنى: أيّ شيء أراد الله بهذا المثل.
وإما أن تجعل {ذا} بمعنى «الذي» فتكون {ما} في موضع مبتدأ، وما بعدها الخبر، فهو استفهام إنكاري. {مَثَلاً} إما منصوب على التمييز، أو منصوب على الحال من «ذا» في «هذا».
{أَنْ يُوصَلَ} إما في موضع نصب على البدل من {ما} أو في موضع جرّ على البدل من الهاء في {بِهِ}. و {الَّذِينَ} نعت. و {أَنْ يُوصَلَ} بدل من ضمير {بِهِ}.
البلاغة:
{لا يَسْتَحْيِي} المعنى: لا يترك، فعبر بالحياء عن الترك، لأن الترك من ثمرات الحياء، ومن استحيا من فعل شيء تركه، كما قرر الزمخشري في (تفسيره: ٢٠٤/ ١) فهو مجاز من باب إطلاق الملزوم وإرادة اللازم.
{يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ} فيه استعارة مكنية، حيث شبه العهد بالحبل، وحذف المشبه به، ورمز له بشيء من لوازمه، وهو النقض، وسمي العهد حبلا على سبيل الاستعارة، لما فيه من ثبات الصلة بين المتعاهدين، كما قال الزمخشري: ٢٠٧/ ١، أي أن أصل استعمال النقض هو في الحبل، ثم استعمل في العهد، لأنّه يشبهه.
المفردات اللغوية:
{لا يَسْتَحْيِي} لا يترك ضرب المثل. والحياء: تغير وانكسار يعتري الإنسان من تخوف ما يعاب عليه ويذم، فإذا ورد الحياء في حق الله تعالى، فليس المراد منه ذلك الخوف الذي هو مبدأ الحياء ومقدمته، بل ترك الفعل الذي هو منتهاه وغايته. {أَنْ يَضْرِبَ} يجعل {مَثَلاً} المثل في اللغة: الشبيه والنظير، وضرب المثل في الكلام: أن يذكر لحال ما يناسبها، فيظهر من حسنها أو قبحها ما كان خفيا. {بَعُوضَةً} الناموسة المعروفة. {فَما فَوْقَها} ما زاد عليها أو كان أكبر منها،