للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمران ١٨١/ ٣]، وأبان زيف عقيدة النصارى في التثليث وتأليه المسيح، ذكر هنا موقفهم في العداوة والمحبة من المؤمنين، ونبه على أن اليهود في غاية العداوة للمسلمين، ولذلك جعلهم قرناء للمشركين في شدة العداوة، بل إنهم أشد عداوة من المشركين لتقديم ذكرهم على ذكر المشركين،

قال صلّى الله عليه وسلّم فيما رواه ابن مردويه عن أبي هريرة: «ما خلا يهودي بمسلم قط‍ إلا همّ بقتله» وذكر تعالى أن النصارى ألين عريكة من اليهود وأقرب إلى المسلمين منهم.

التفسير والبيان:

أقسم الله تعالى بذاته على أن أشد الناس المعاصرين للتنزيل عداوة للمؤمنين هم اليهود؛ لأن كفرهم كفر عناد وجحود وهضم للحق، بل إن عداوتهم أشد من عداوة المشركين لتقديمهم في الذكر، ولهذا قتلوا كثيرا من الأنبياء، حتى هموا بقتل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غير مرة، وسموه وسحروه، وألّبوا عليه أشباههم من المشركين، ثم يليهم في العداوة والبغضاء المشركون عبدة الأوثان لجهلهم بحقائق الدين، وبالإله الحق، وبالنبوات، والفريقان متشابهان في الكفر والعتو والبغي وغلبة الحياة المادية وحب الذات.

وأشد ما لقي النبي صلّى الله عليه وسلّم من أذى، كان من يهود الحجاز، ومن مشركي العرب في الجزيرة، وخاصة أهل مكة والطائف.

وو الله إن أقرب الناس محبة ومودة للمؤمنين: {الَّذِينَ قالُوا: إِنّا نَصارى} أي قالوا: إنهم أتباع المسيح والإنجيل، فكان فيهم في الجملة مودة للإسلام وأهله، لما في قلوبهم على دين المسيح من الرقة والرأفة، كما قال تعالى: {وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً} [الحديد ٣٧/ ٥٧] وفي الإنجيل: «من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر».

وقد رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم من النصارى خيرا، فتلقى نصارى الحبشة المؤمنين

<<  <  ج: ص:  >  >>