بما يسمعون، ولا ينقادون إلى الحق، كانوا بمنزلة من لا يسمع ولا يفهم.
وقد أخبر الله تعالى عن أوضاع عنادهم وردهم الآيات بغير حجة؛ لأنهم لمّا رأوا القمر منشقا قالوا: هذا سحر، ولمّا وجدوا القرآن معجزة سما ببلاغته عن فنون كلامهم وقولهم، قالوا: هذا أساطير الأولين.
وموقف الكفار يجمع كل فصول القبح والاستغراب والاستهجان، وقوله تعالى:{وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} عام في جميع الكفار، ينهون عن اتباع محمد صلّى الله عليه وسلّم، وينأون عنه، فلا يكتفون بإعراضهم، وإنما يصدون الناس عن دعوة الإسلام، وهم بهذا ما يهلكون إلا أنفسهم بإصرارهم على الكفر، وحملهم أوزار الذين يصدّونهم.
أما موقف أبي طالب فالله أعلم به، والرواية المشهورة:
ما ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله لعمه: «قل: لا إله إلا الله، أشهد لك بها يوم القيامة، قال: لولا تعيّرني قريش يقولون: إنما حمله على ذلك الجزع لأقررت بها عينك، فأنزل الله تعالى:{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ، وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ}[القصص ٥٦/ ٢٨].