{أَمْ جَعَلُوا} بل أجعلوا، والهمزة للإنكار {خَلَقُوا كَخَلْقِهِ} صفة لشركاء داخلة في حكم الإنكار {فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ} أي خلق الله بخلق الشركاء، أي ما اتخذوا لله شركاء خالقين مثله، حق يتشابه عليهم الخلق، فيقولوا: هؤلاء خلقوا كما خلق الله، فاستحقوا العبادة كما استحقها، ولكنهم اتخذوا شركاء عاجزين لا يقدرون على ما يقدر عليه الناس، فضلا عما يقدر عليه الخالق.
وهو استفهام إنكاري، أي ليس الأمر كذلك، ولا يستحق العبادة إلا الخالق {قُلِ: اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} أي لا خالق غيره، فيشاركه في العبادة، فهو لا شريك له في الخلق، فلا شريك له في العبادة، أي أنه جعل الخلق يستوجب العبادة ويلزم منه ذلك، ثم نفاه عما سواه ليتوصل إلى الآتي وهو قوله:{وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهّارُ} أي هو المتوحد بالألوهية، الغالب على كل شيء.
المناسبة:
بعد أن بيَّن الله تعالى أن كل من في السموات والأرض ساجد له، خاضع لقدرته وعظمته، عاد إلى الرد على عبدة الأصنام، لإثبات الوحدانية، وحدانية الألوهية ووحدانية الربوبية، حتى لا يجدوا مناصا من الاعتراف بها.
التفسير والبيان:
قل للمشركين أيها الرسول: من خالق السموات والأرض؟ ثم أجب عنهم الجواب المتعين الذي لا مناص منه، وهو الذي يقرون به؛ لأنهم كانوا يقرون بأن الله هو الخالق كما قال تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ: مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ؟ لَيَقُولُنَّ اللهُ}[لقمان ٢٥/ ٣١] وقل لهم إذن: الله خالقهما وربهما ومدبرهما.
قال الزمخشري: وقوله: {قُلِ: اللهُ} حكاية لاعترافهم وتأكيد له عليهم؛ لأنه إذا قال لهم: من رب السموات والأرض؟ لم يكن لهم بد من أن يقولوا: الله.
ثم قل لهم بعد أن ثبت هذا لديكم: فلم اتخذتم لأنفسكم من دون الله معبودات