ومتولي أمره، والغالب المهيمن عليه بيده الأمر كله، يحيي ويميت، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، ولا يتأتى لهم ولاية ولا نصرة إلا منه، ليتبرؤوا مما عداه، حتى لا يبقى لهم مقصود فيما يأتون ويذرون سواه، ولا تهمنكم القرابة والصلة الذين هم أولياء مناصرون لكم عادة، فما لكم ولي ولا نصير غير الله تعالى.
فقه الحياة أو الأحكام:
يستنبط من الآيات الأحكام التالية:
١ - تحريم الدعاء لمن مات كافرا، بالمغفرة والرحمة، أو بوصفه بذلك، كقولهم: المغفور له، والمرحوم فلان، كما يفعل بعض الجهلة.
٢ - قطع الموالاة مع الكفار حيّهم وميّتهم؛ فإن الله لم يسمح للمؤمنين أن يستغفروا للمشركين، فطلب الغفران للمشرك مما لا يجوز. وأما
دعاء النبي صلى الله عليه وسلّم يوم أحد حين كسروا رباعيته وشجّوا وجهه:«اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون» فإنما كان على سبيل الحكاية عمن تقدمه من الأنبياء، كما ثبت في صحيحي البخاري ومسلم، أو أن هذا الدعاء كان قبل نزول سورة التوبة التي هي من آخر ما نزل من القرآن.
وحديث مسلم عن ابن مسعود قال: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلّم يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول:
«رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون».
٣ - لا حجة للمؤمنين في استغفار إبراهيم الخليل عليه السّلام لأبيه؛ فإن ذلك لم يكن إلا عن عدة (وعد). والواعد: إما أبو إبراهيم، فإنه وعده أن يؤمن، قال ابن عباس: كان أبو إبراهيم وعد إبراهيم الخليل أن يؤمن بالله، ويخلع الأنداد، فلما مات على الكفر، علم أنه عدو الله، فترك الدعاء له.
وقوله:{إِيّاهُ} ترجع إلى إبراهيم، والواعد أبوه. أو أن يكون الواعد هو إبراهيم، أي وعد إبراهيم أباه أن يستغفر له، رجاء إسلامه، فلما مات مشركا تبرأ