تكفرون ببعض الكتب وتؤمنون ببعضها؟ بل إنكم لم تؤمنوا بالتوراة التي فيها تحريم القتل، وقد قتلتم الأنبياء بغير حق، فلم قتلتموهم إن كنتم بالتوراة مؤمنين؟! وقد نسب القتل إلى معاصري النّبي صلّى الله عليه وسلّم، لأنهم كانوا راضين بفعل أسلافهم الغابرين، فأقروهم على القتل وغيره، ولم يعدوه مخالفة أو معصية، وفاعل الكفر ومجيزه سواء، وطبع السوء ينتقل في الذرية، وهم متضامنون متكافلون، مصرون على إقرار أفعال السلف. فإن لم يوجد إقرار أو رضا، فلا إثم على الأبناء، لأن كل نفس مسئولة عن حالها، ولا تزر وازرة وزر أخرى.
فقه الحياة أو الأحكام:
ليس من العقل السليم، بل ولا من المصلحة الحقيقية للإنسان أن يؤثر الفاني على الباقي، والشيء التافه الرخيص على الغالي الثمين، لأن دوام الخير وبقاء النعمة أصون للمنفعة، وأكرم للنفس، لذا ندد القرآن بأفعال اليهود، مقررا: بئس الشيء الذي اختاروا لأنفسهم، حيث استبدلوا الباطل بالحق، والكفر بالإيمان.
وإذ لم يؤمن اليهود إيمانا كاملا بالتوراة التي أنزلها الله على نبيهم موسى عليه السّلام، فلا أمل في إيمانهم بالقرآن.
وإن استمرارهم في طريق الكفر قديما وحديثا، بعبادتهم العجل، وإعنات موسى وكفرهم به، وتكذيبهم محمدا صلّى الله عليه وسلّم، وكفرهم بالقرآن، يبوئهم العذاب المهين: وهو ما اقتضى الخلود الدائم في نار جهنم. أما تعذيب عصاة المؤمنين في النار فهو مؤقت، وتمحيص لهم وتطهير، كما يطهر المذنب في الدنيا بالعقاب، مثل رجم الزاني وقطع يد السارق.