وقال لفتيانه أي لغلمانه، اجعلوا بضاعتهم في رحالهم أي اجعلوا البضاعة التي اشتروا بها الطعام، وقدموا بها للميرة معاوضة، في أمتعتهم التي لهم من حيث لا يشعرون.
{لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها.}. لعلهم يعرفون حقّ ردّها وحقّ إكرامنا لهم بإعادتها إليهم، لعلهم يرجعون إلينا، بعد عودتهم إلى أهلهم، وفتح متاعهم.
فقه الحياة أو الأحكام:
يفهم من الآيات ما يأتي:
١ - قد لا يعرف الأخ أخاه بسبب طول العهد والمدّة، لا سيما إذا تبدل حال الأخ من أدنى درجات الحال إلى أعلاها، مما يبعد عن التّصور في الذّهن احتمال معرفته.
٢ - تحقيق الغايات قد يستعمل من أجله التّرغيب والتّرهيب معا، كما فعل يوسف من أجل إحضار أخيه بنيامين، فالتّرغيب هو قوله:{أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ، وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ}، والتّرهيب هو قوله:{فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ، فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ} لأنهم كانوا في نهاية الحاجة إلى تحصيل الطعام، وما كان يمكنهم تحصيله إلا من عنده، فإذا منعهم من الحضور عنده، كان ذلك نهاية التّرهيب والتّخويف.
٣ - اتّفق أكثر المفسّرين على أن إخوة يوسف ما كانوا عالمين بجعل البضاعة في رحالهم.
٤ - السّبب الذي لأجله أمر يوسف بوضع بضاعتهم في رحالهم: هو ترغيبهم في العود إليه، والحرص على معاملته، حينما يعلمون أن بضاعتهم ردت إليهم، كرما من يوسف، وسخاء محضا.