المشركين الذين كذبوا الرسل؛ فإنما وقعوا فريسة لتزيين الشيطان لهم ما فعلوه.
ثم أبان الله تعالى أن الهلاك لا يكون إلا بعد بيان الحجة. فقال:
{وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ.}. أي إنما أنزلنا عليك القرآن لهدف واضح، وهو أن تبين للناس الذي يختلفون فيه في العقائد والعبادات، فيعرفوا الحق من الباطل، والقرآن فاصل بين الناس فيما يتنازعون فيه، وهو هدى للقلوب الحائرة أو الضالة، ورحمة لقوم يصدقون به، ويتمسكون به.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآية الأولى على أن سنة الله في عباده منذ القديم إرسال الرسل بالحجة الواضحة والبيان الشافي، وما محمد صلّى الله عليه وسلّم إلا كغيره من الرسل.
وشأن الأمم تكذيب المرسلين، لتأثرهم بتزيين الشيطان أعمالهم، وإغوائهم، وصرفهم عن إجابة أنبيائهم.
وهكذا كان موقف كفار مكة، أغواهم الشيطان، كما فعل بكفار الأمم قبلهم.
ولكن سيتلقى هؤلاء الكفار جميعا جزاء أوفى وعذابا أليما في نار جهنم، ولن يكون لهم ولي ولا ناصر ولا معين ينقذهم مما هم فيه.
ودلت الآية الثانية على أن مهمة النبي صلّى الله عليه وسلّم هي تبيان ما جاء في القرآن، وبيان ما اختلف فيه أهل الملل والأهواء من الدين والأحكام، فتقوم الحجة عليهم ببيانه. أما الدين المختلف فيه فهو مثل التوحيد والشرك والجبر والقدر، وإثبات المعاد ونفيه. وأما الأحكام فهي مثل تحريم أشياء تحل شرعا كالبحيرة والسائبة وغيرهما، وتحليل أشياء تحرم كالميتة.
والقرآن تبيان للناس وهدى أي رشد، ورحمة للمؤمنين به.