{فِطْرَتَ اللهِ} منصوب بتقدير فعل، أي اتبع فطرة الله، دل عليه قوله تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ} أي اتبع الدين، أو منصوب على المصدر، تقديره: فطر الله الخلق فطرة، أو منصوب على الإغراء.
{مُنِيبِينَ إِلَيْهِ} منصوب على الحال من ضمير {فَأَقِمْ}. وإنما جمع حملا على المعنى؛ لأن الخطاب للرسول صلّى الله عليه وسلّم، والمراد به أمته، مثل قوله تعالى:{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ}[الطلاق ١/ ٦٥].
{مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا} بدل بإعادة الجار، أي بدل من المشركين.
البلاغة:
{فَأَقِمْ وَجْهَكَ} من إطلاق الجزء وإرادة الكل، أي توجه إلى الله بكليتك.
{فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ} بينهما جناس اشتقاق.
المفردات اللغوية:
{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ} أي اتبع الدين وأخلص فيه وأقبل على الإسلام واثبت عليه يا محمد ومن تبعك. {حَنِيفاً} مائلا إلى الاستقامة، تاركا طرق الضلالة. {فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْها} خلقة الله التي خلق الناس عليها من الشعور بالعبودية لله تعالى، وقبول الحق وإدراكه.
{لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ} لا ينبغي لأحد أن يغير فطرة الله وخلقه، وليس لكم أن تبدلوا دينه بأن تشركوا. {ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} أي ذلك الدين المأمور باتباعه أو الفطرة بمعنى الملة هو الدين المستقيم أو المستوي الذي لا عوج فيه ولا انحراف، وهو توحيد الله. {وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ} أي أغلب الناس، مثل كفار مكة حين نزول الوحي لا يعلمون توحيد الله تعالى واستقامة الدين، لعدم تدبرهم وتفكرهم.
{مُنِيبِينَ إِلَيْهِ} راجعين إليه تعالى بالتوبة وإخلاص العمل، والتزام ما أمر به واجتناب ما نهى عنه. {وَاتَّقُوهُ} أي أقيموا الدين واتبعوه وخافوا الله؛ لأن الخطاب للرسول صلّى الله عليه وسلّم والأمة معه، غير أن الآية صدرت بخطاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تعظيما له. {فَرَّقُوا دِينَهُمْ} أي اختلفوا فيما يعبدونه على اختلاف أهوائهم، وقرئ: فارقوا، اي تركوا دينهم الذي أمروا به.
{شِيَعاً} فرقا، تشايع كل فرقة إمامها الذي قرر لها دينها وأصّله، أي وضع أصوله.
{كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} أي كل حزب منهم بما عندهم مسرورون.