للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي آذانِهِمْ} سدوا مسامعهم عن استماع الدعوة. {وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ} تغطوا بها لئلا يروني كراهة النظر إلي. والتعبير بصيغة الدعوة أو الطلب للمبالغة. {وَأَصَرُّوا} وأكبوا على الكفر والمعاصي.

{وَاسْتَكْبَرُوا} عن الإيمان واتباعي. {اِسْتِكْباراً} عظيما.

{جِهاراً} بأعلى صوتي. {أَعْلَنْتُ لَهُمْ} صوتي. {وَأَسْرَرْتُ} الكلام، أي دعوتهم مرة بعد أخرى، وكرة بعد أولى، على أي وجه أمكنني. وكلمة {ثُمَّ} لتفاوت الوجوه والتفنن في الأسلوب والدعوة. {اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ} اطلبوا المغفرة من الكفر أو الشرك، بالتوبة من ذلك.

{إِنَّهُ كانَ غَفّاراً} للتائبين. {يُرْسِلِ السَّماءَ} أي المطر، وكان قد حبس الله عنهم المطر أربعين سنة، وأعقم أرحام نسائهم، فوعدهم بذلك على الاستغفار عما كانوا عليه، ولذلك شرع الاستغفار في الاستسقاء. {مِدْراراً} غزيرا متتابعا كثير الدور.

{جَنّاتٍ} بساتين. {ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ} لا تخافون أو لا تأملون. {وَقاراً} عظمة وإجلالا وتوقيرا، والمعنى على قوله: «لا تأملون»: مالكم لا تكونون على حال تأملون فيها تعظيم الله إياكم في دار الثواب. وإنما عبر عن الاعتقاد بالرجاء المشتمل على أدنى الظن مبالغة. {أَطْواراً} جمع طور أي أحوالا وهيئات وعلى مراحل وأدوار في النمو والخلقة، كأنه قال: ما لكم لا تؤمنون بالله، والحال هذه، وهي حال موجبة للإيمان به؟! خلقكم أولا من تراب، ثم من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة، ثم خلق العظام واللحم، ثم أنشأكم خلقا آخر، من طفولة، فشباب، فكهولة.

{أَلَمْ تَرَوْا} تنظروا. {طِباقاً} متطابقة، بعضها فوق بعض. {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ} أي في السموات، وهو في السماء الدنيا. {وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً} أي كالسراج وهو المصباح المضيء الذي يزيل ظلمة الليل عن وجه الأرض. {وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً} أي خلقكم وأنشأكم من الأرض إنشاء، إذ خلق أباكم آدم منها، فاستعير الإنبات للإنشاء؛ لأنه أدل على الحدوث والتكون من الأرض {ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها} مقبورين. {وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً} بالبعث والحشر، وأكده بالمصدر، كما أكّد به قوله: {أَنْبَتَكُمْ} للدلالة على أن الإعادة محققة كالبدء، وأنها تكون لا محالة.

{بِساطاً} ممهدة منبسطة كالبساط‍، تتقلبون عليها. {فِجاجاً} واسعة، جمع فج.

المناسبة:

بعد أن أخبر الله تعالى عن إرسال نوح عليه السلام إلى قومه، وامتثاله أمر ربه، ذكر مناجاته لربه وشكواه إليه، أنه دعاهم وأنذرهم، فعصوه وتمردوا عليه، بالرغم من تغيير أساليب الدعوة، والوعد بإنزال الأمطار، والإمداد بالأموال والبنين، وتخصيص الجنات والأنهار، وبالرغم من إقامة الأدلة على عظمة الله

<<  <  ج: ص:  >  >>