من الكلام القبيح وغيره. {مَرُّوا كِراماً} معرضين عنه مكرمين أنفسهم عن الخوض فيه، ومن ذلك الإغضاء عن الفواحش والصفح عن الذنوب.
{وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ} أي وعظوا بالقرآن. {لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها} يسقطوا، والخرور: السقوط على غير نظام ولا ترتيب. {صُمًّا وَعُمْياناً} المراد: لم يقيموا عليها غير واعين ولا متبصرين بما فيها، كمن لا يسمع ولا يبصر، بل أقبلوا عليها سامعين بآذان واعية، مبصرين ناظرين منتفعين. {قُرَّةَ أَعْيُنٍ} لنا بأن نراهم مطيعين لك، والمراد: الفرح والسرور بتوفيقهم للطاعة وحيازة الفضائل، فإن المؤمن يسرّ قلبه بطاعة أهله وأولاده لربهم، ليلحقوا به في الجنة.
و {مِنْ} في قوله: {مِنْ أَزْواجِنا.}. ابتدائية أو بيانية. وتنكير الأعين للتعظيم، والإتيان بجمع القلة في كلمة {أَعْيُنٍ} لأن المراد أعين المتقين، وهي قليلة بالنسبة إلى عيون غيرهم.
{وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً} في الخير، يقتدون بنا في أمر الدين، بإفاضة العلم والتوفيق للعمل.
وأفرده، وأراد به الجمع، أي أئمة يقتدى بهم في إقامة مراسم الدين، لأنه يستعمل للمفرد والجمع.
{الْغُرْفَةَ} كل بناء مرتفع عال، والمراد الدرجة العليا في الجنة أو أعلى مواضع الجنة، وهي اسم جنس أريد به الجمع، لقوله تعالى:{وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ}[سبأ ٣٧/ ٣٤].
{بِما صَبَرُوا} بصبرهم على المشاق والقيام بطاعة الله. {وَيُلَقَّوْنَ فِيها} بالتشديد، والتخفيف، أي يلقون في الغرفة. {تَحِيَّةً وَسَلاماً} من الملائكة، أي تحييهم الملائكة ويسلمون عليهم، وهو دعاء بالتعمير والسلامة. أو يحيي بعضهم بعضا ويسلم عليه. {حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً} موضع استقرار وإقامة دائمة لهم.
{قُلْ} يا محمد لأهل مكة {ما يَعْبَؤُا بِكُمْ} ما يعتدّ بكم ولا يبالي ولا يكترث، و {ما}:
نافية. {لَوْلا دُعاؤُكُمْ} إياه في الشدائد، فيكشفها، أو عبادتكم له تعالى، فإن شرف الإنسان وكرامته بالمعرفة والطاعة، وإلا فهو وسائر الحيوانات سواء. {فَقَدْ كَذَّبْتُمْ} أي كيف يعبأ بكم وقد {كَذَّبْتُمْ} الرسول والقرآن. {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً} أي سوف يكون العذاب وجزاء التكذيب ملازما لكم في الآخرة حتى يقذفكم في النار، بعد ما يحلّ بكم في الدنيا، فقتل منهم يوم بدر سبعون. وجواب {لَوْلا} دلّ عليه ما قبله، أي لولا دعاؤكم لم يبال بكم.