مرض، فيجب عليه الصيام، لأنه أحد أركان الإسلام الخمسة. ومن لم يشهد الشهر، كسكان البلاد القطبية-التي يتساوى فيها الليل والنهار كل نصف عام، أي يكون الليل فيها نصف سنة في القطب الشمالي، بينما يكون نهارا في القطب الجنوبي، فعليهم أن يقدروا مدة تساوي شهر رمضان بحسب أقرب البلاد المعتدلة إليهم، أو بحسب مكة والمدينة اللتين وقع فيهما التشريع.
ثم أعاد الله تأكيد الرخصة في الإفطار مرة ثانية، حتى لا يظن تعميم وجوب الصوم بعد قوله:{فَلْيَصُمْهُ} وبعد بيان مزايا الصوم وأهميته، لأن الله يريد في كل ما شرع من أحكام، ومنها رخصة الإفطار لذوي الأعذار، أن يحقق اليسر للناس ويدفع عنهم العسر.
وأمر أصحاب الأعذار في حالي المرض والسفر ونحوهما بالقضاء أو الفدية، لأنه يريد إكمال عدّة الشهر، ولنكبّر الله ونعظمه ونشكره على نعمه كلها، ومنها إعطاء كل من العزيمة والرخصة حقها.
فقه الحياة أو الأحكام:
اشتملت هذه الآيات على أحكام كثيرة، أبيّنها بإيجاز:
١ - للصوم فضل عظيم وثواب جسيم، ويكفي في فضله أن الله خصه بالإضافة إليه، كما
جاء في الحديث القدسي الذي يخبر به النّبي صلّى الله عليه وسلّم عن ربّه:
«يقول الله تبارك وتعالى: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به»، وتخصيص الصوم بأنه له، مع أن العبادات كلها له، لأمرين ذكرهما القرطبي:
أحدهما-أن الصوم يمنع من ملاذ النفس وشهواتها، ما لا يمنع منه سائر العبادات.