وتكذيب النبي محمد صلّى الله عليه وسلم أنهم قوم لا يخافون أو لا يتوقعون نشورا، أي معادا يوم القيامة. وهذا تأكيد لما قال تعالى سابقا في هذه السورة نفسها:{بَلْ كَذَّبُوا بِالسّاعَةِ}[١١] فإن عدم الخوف من اليوم الآخر وما فيه من الثواب والعقاب هو السبب الجوهري في الإعراض عن دعوة الرسول صلّى الله عليه وسلم.
ورجح الرازي أن الرجاء في قوله تعالى {لا يَرْجُونَ نُشُوراً} على حقيقته؛ لأن الإنسان لا يتحمل متاعب التكاليف إلا لرجاء ثواب الآخرة، فإذا لم يؤمن بالآخرة لم يرج ثوابها، فلا يتحمل تلك المتاعب.
فقه الحياة أو الأحكام:
الغرض من إيراد هذه القصص هنا واضح، وهو تحذير المشركين من تكذيب النبي صلّى الله عليه وسلم، فيحل بهم من العذاب، كما حلّ بالأمم الماضية المكذبين رسل الله.
فالقصة الأولى-قصة موسى وأخيه هارون عليهما السلام، كان معهما التوراة، وأمرا بالذهاب إلى فرعون وقومه من أقباط مصر لدعوتهم إلى الإيمان بوجود الله، والإقرار بوحدانيته، فكذبوا بآيات الله الدالة على صدق النبوة والتوحيد، فدمرهم الله تدميرا، وأهلكهم إهلاكا شديدا بالإغراق في البحر.
والقصة الثانية-قصة نوح عليه السلام مع قومه الذي مكث يدعوهم إلى توحيد الله ونبذ عبادة الأصنام زمنا هو ألف سنة إلا خمسين، مما لم يمكث فيه نبي مع قومه مثل هذا، فبعد أن كذبوه ويئس من إيمانهم، أغرقهم الله جميعا بالطوفان، وجعلهم للناس آية أي علامة ظاهرة على قدرته، وأعدّ لهؤلاء المشركين من قوم نوح ولكل ظالم عذابا شديد الألم في الآخرة، ونجّى الله الذين آمنوا مع نوح في السفينة.