{وَإِلى مَدْيَنَ} أي وأرسلنا إلى مدين، ومدين قبيلة عربية كانت تسكن أرض معان في شرقي الأردن، من طريق الحجاز، وهم من سلالة مدين بن إبراهيم، وكانوا يكفرون بالله، وعبدوا الملائكة من دونه، وكانوا يبخسون الناس في الكيل والوزن. وكما تطلق مدين على القبيلة، تطلق -كما ذكر ابن كثير-على المدينة المعروفة قرب معان، بدليل قوله تعالى:{وَلَمّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ، وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النّاسِ يَسْقُونَ}[القصص ٢٣/ ٢٨] وهم أصحاب الأيكة، كما ذكر ابن كثير.
{أَخاهُمْ شُعَيْباً} أي ليس أخا في الدين، وإنما هو من قبيلتهم أو من جنسهم البشري، لا من جنس الملائكة، فهي أخوة في النسب لا في الدين، وشعيب: هو ابن ميكيل بن يشجر، واسمه بالسريانية «يثرون» بعثه الله إلى أهل مدين.
{بَيِّنَةٌ} حجة ظاهرة أو معجزة. {مِنْ رَبِّكُمْ} على صدقي. {فَأَوْفُوا الْكَيْلَ} أتموه.
{وَلا تَبْخَسُوا النّاسَ أَشْياءَهُمْ} لا تنقصوهم حقهم. {وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} شامل لإفساد نظام المجتمع بالظلم وأكل أموال الناس بالباطل، وإفساد الأخلاق، بارتكاب الفواحش، وإفساد العمران بالجهل وعدم النظام. {بَعْدَ إِصْلاحِها} إصلاح الأرض: هو إصلاح أهلها وما فيها بغرس العقيدة الصحيحة، والأعمال الصالحة، وإعمارها بما يرقي الحالة المعيشية.
{بِكُلِّ صِراطٍ} طريق. {تُوعِدُونَ} تخوفون الناس بأخذ ثيابهم وأموالهم أو أخذ المكس منهم. {وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ} تصرفون عن دين الله من آمن به بتوعدكم إياه بالقتل.
{وَتَبْغُونَها عِوَجاً} تطلبون الطريق معوجة. {فَكَثَّرَكُمْ} أي بارك في نسلكم. {عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} أي من كان قبلكم بتكذيب رسلهم، كان آخر أمرهم الهلاك.
أضواء من التاريخ:
هذه هي القصة الخامسة من قصص الأنبياء بعد نوح وهود وثمود ولوط عليهم السلام، وهي قصة شعيب عليه السلام مع قومه شعب مدين.
أما شعيب فهو ابن ميكيل بن يشجر، وهو من أنبياء العرب، وذكر في القرآن عشر مرات: في سورة الأعراف في الآيات ٩٢، ٩٠، ٨٨، ٨٥ وفي سورة هود في الآيات ٩٥، ٩٠، ٨٧، ٨٤، وفي سورة الشعراء في الآية ١٧٧، وفي سورة العنكبوت في الآية ٣٦. وكانت بعثته قبل زمن موسى عليه السلام؛ لأن